Browse Results

Showing 26 through 50 of 147 results

أسواق الذهب

by أحمد شوقى

قلْ لا أعرِف الرِّقّ، وتقيَّد بالواجب وتقيَّد بالحقّ؛ الحرية وما هِيَه؟ "الحُمَيراءُ"  الغالية، فِتنةُ القرون الخالية، وطَلِبةُ النفوسِ العالية؛ غِذاءُ الطّبائع، ومادّةُ الشرائع، وأُمُّ الوسائل والذَّرائع؛ بنتُ العلم إذا عمّ، والخلق إذا تمّ، وربيبة الصبر الجميل والعمل الجمّ؛ الجهلُ يئدُها، والصغائرُ تُفسدُها، والفُرْقةُ تُبعدُها؛ تكبيرةُ الوجود، في أُذُن المولود؛ وتحية الدُّنيا له إذا وصل، وصيْحة الحياة به إذا نَصَل؛ هاتِفٌ منَ السماءِ يقولُ له: يا ابنَ آدم؛ حَسْبُكَ من الأسماءِ عبدُ الله وسيّدُ العالَم، وهي القابلة التي تستقبله، ثم تسرُّهُ وتُسَرْبلُه، وهي المهدُ والتميمَة، والمُرضعُ الكريمة، المنجبة كـ "حليمة". ألبانُها حياة، وأحضانُها جنَّات. وأنفاسُها طيِّبات. العزيزُ من وُلدَ بين سَحْرِها ونَحْرها، وتعلق بصدرِها، ولعِبَ على كَتِفها وحِجرها، وترعرعَ بين خِدرها وسِترها.. ضجيعةُ موسى في التابوت، وَجاوَرَتْه في دار الطاغوت، والعصا التي توكأ عليها، والنَّارُ التي عشَا إليها، جبلّةُ المَسيح، السِّيدِ السَّميح، وإنجيلُه، الذي حاربُه جيلُه، وسَبيلُه، الذي جانَبَهُ قَبيلُه، طِينةُ محمدٍ عن نفسِه، عن قومِه، عن أمسِه، عن يومه، أنسابٌ عالية، وأحسابٌ زاكية، وملوكٌ بادية، لم يَدنهم طاغية، وهي رُوحُ بيانِه، ومُنحدَر السُّوَر على لسانِه، الحرِّية، عقدُ الملك، وعهدُ المَلْك، وسًكان الفُلْك، يدُ القلم، على الأمم، ومِنحة الفكر، ونفحة الشعر وقصيدة الدهر، لا يُستَعْظَمُ فيها قرْبان، ولو كان الخليفة عثمان بن عفان، جنينٌ يحمَلُ به في أيام المحْنَة، وتحتَ أفياء الفتنة، وحينَ البغي سيرة السَّامَّة ، والعدوان وتيرة العامَّة، وعندَما تناهى غفلة السواد، وتفاقم عَبث القوَّاد، وبين الدَّم المطلول، والسيف المسلول، والنظم المحلول، وكذلك كان الرُّسلُ يولدون عندَ عموم الجهالة، ويُبعثون حين طمُوم الضلالة؛ فإذا كَملَتْ مدَّتُه. وطلَعتْ غُرَّتهُ، وسطعَتْ أُسِرَّتُه، وصحَّتْ في المهد إمرتُه، بدّلت الحالَ غيرَ الحال، وجاءَ رجالٌ بعدَ الرِّجَال؛ دينٌ ينفسحُ للصادقِ والمنافق، وسوقٌ يتَّسع للكاسِد والنَّافق، مولودٌ حمْلُهُ قرُون، ووضعُهُ سِنُون، وحَداثتُه أشغالٌ وشئون، وأهوالٌ وشجون، فرحِمَ الله كلَّ من وطَّأ ومهَّد، وهيَّأ وتعهَّد، ثم استشهدَ قبلَ أن يشهَد. إذا أحرزت الأُممُ الحرِّيَّة أتت السيادةُ من نفسِها، وسعت الإمارةُ على رأسِها، وبُنِيَت الحضارةُ من أُسِّها؛ فهي الآمرُ الوازع، القليلُ المُنازِع، النبيلُ المشاربِ والمَنَازع؛ الذي لا يتخذ شِيعة، ولا صنيعة، ولا يَزْدهي بخديعة؛ خازنٌ ساهر، وحاسبٌ ماهر؛ دانقُ الجماعة بذمةٍ منهُ وأمان، ودِرْهَمُهم في حِرْزهِ دِرْهَمَان. "فيا ليلى" ماذا مِن أترَاب، وارَيْتِ التراب؟ وأخدان، أسلمتِ للديدان؟ عُمَّالٌ للحق عُمَّار، كانوا الشُّموسَ والأقمار، فأصبحوا على أفواه الرُّكَّاب والسُّمار؛ وأين قيسُك المعولِ؟ ومجنونُك الأوَّل؟ حائطُ الحقُّ الأطوَل، وفارسُ الحقيقةِ الأجوَل؛ أين مصطفى؟ زينُ الشباب، ورَيْحان الأحباب. وأوَّلُ من دَفع الباب، وأبرزَ النَّاب، وزأرَ دون الغاب؟...  

أميرة الأندلس

by أحمد شوقى

            "الملك نشوان ومعه مضحكه مقلاص يدنو من زورق على الوادي الكبير فيثب فيه ويقول" الملك       :         انظر يا مقلاص إلى هذا الزورق ما ألطفه، صدق القول: كل صغير لطيف. مقلاص    :         إلا وظيفتي في قصرك فإنها لا لطيفة ولا شريفة، وإن هذا الزورق قد ينقلب فيأخذ شكل النعش، ولن يكون النعشُ لطيفًا أبدًا. الملك       :         هبه انقلب يا مقلاص فصار نعشًا، أليس النعشُ مركبَ كل حي وإن طالتْ سلامته! مقلاص    :         أما أنا فيعفيني الملك. الملك       :         لا يا مقلاص لا أعفيك، ولا أحسبك تدعني أسير في لجة النهر وحدي وأنا كما تراني نشوان. مقلاص    :         وإن كان ولابد أيها الملك فإني أقترح.. الملك       :         وما تقترح؟ مقلاص    :         أن أكون أنا المجدِّفَ وحدي. الملك       :         ولماذا؟ مقلاص    :         الأمر بيِّن! التيار مجنون، والسكر مجنون، وأنت سلطان وكل سلطان مجنون. وهذا الزورق خشبة لا عقل لها فهو أيضًا مجنون؛ وإني أربأ بحياتي أيها الملك أن أجمع عليها مجانين أربعة. الملك       :         (مستضحكًا) لا يكون إلا ما اقترحتَ يا مقلاص، تعال اركب وجدف وحدك واترك لي أنا الدفة. مقلاص    :         أما هذا فنعم. وإني أرجو أن تكون دفة هذا المركب الصغير أحسن مصيرًا في يديك من دفة المملكة. الملك       :         (مستضحكًا) تعال ثب؛ هات يدك. (مقلاص ينزل إلى الزورق ويأخذ المجدافين). الملك       :         انظر يا مقلاص وراءك، إني أرى قاربًا يندفع نحونا مسرعًا كأنه حوت مطارد مذعور. مقلاص    :         هو ذا قد دنا منا يا مولاي، فأحسن مسك الدفة واجتنب الصدمة، وأنا أزوده عنا بمجدافي هذا وأضربه ضربة تقذف به إلى الشاطئ الآخر من النهر. الملك       :         إياك أن تفعل بل ائسره، فلابد لنا أن نؤدب هذا الشاب المغرور، فإني أرى الملاح فتى كريم الهيئة فهو لاشك من أبناء أعيان أشبيلية. (يصطدم الزورقان ويظهر مقلاص ارتباكًا وجبنًا، فيقبض الملك على الزورق المهاجم بيد قوية ويقول لمقلاص) الملك       :         اقذف الآن به إن استطعت إلى الشاطئ الآخر من النهر (ثم يلتفت إلى الشاب الملاح ويقول) مكانك أيها الغلام الوقاح، ما هذه الجرأة على التيار وعلى شبابك هذا الغض النضير! وما غرك بالملك حتى قربت عودك من عوده تريد أن تأخذ عليه الطريق. الملاح     :         مولاي إن الرعية يهفون، وإن الملوك يعفون، وزورقي إنما اندفع بقوة التيار القاهر فوافق مرور مركبك المحروس، فكان ما كان مما أعتذر للملك منه. الملك       :         (بصوت منخفض) ويح أُذني ماذا تسمع؟ هذا الصوت أعرفه؟ (ثم يلتفت إلى الملاح قائلاً): قد عرفت أيها الفتى من نحن، فعرفنا بنفسك. (يرفع الملاح قناعه) الملك       :         (صائحًا) بثينة! الأميرة     :         (الملاح) أجل أيها الملك ابنتك وأمتك بثينة. الملك       :         عجبًا! أأنتِ هنا بين العبب والتيار، وعلى هذا العود الذي يشفق أبوك من ركوبه، وأبوك من تعلمين أشجع العرب قلبًا؟ الأميرة     :         ولم لا تكون ابنة الملك شجاعة القلب مثله! إن الأسد لا يلد إلا اللباة. الملك       :         (يهدأ غضبه) ومن أين مجيئكِ الساعة يا بثينة؟  

سيرة الظاهر بيبرس المجلد الثاني

by مجهول

(قال الراوي) فقال الملك سامحك الله بما فعلت من ذلك ولكن لا بد من التحقيق بينكما وما يكون الرأي في ذلك الركبة فقال يا مولاي اعلم أن الأعجام واثقين مني ولكن أنت رجعت إلى العرض وأنا رجعت إليهم وأقبل الليل بالاعتكار أرسل إلى أخواتي الفداوية وأنا أكون معاونًا لهم على كبس الركبة ونهب الأعادي فقال الملك هذا هو الصواب والأمر الذي لا يعاب ثم رجع إلى مكانه بعد أن تودع السلطان منه وعاد بيبرس وقد اجتمع برشيد الدولة وأعاد عليه سرًا بينه وبينه ففرح رشيد بذلك الخبر وتهلل وجهه واستبشر ثم أخذه ودخل على القان هلاون وقال له اعلم أن بيبرس العجمي قد تحارب مع قان عرب وكان مراده أسره فلم أمكنه ذلك ولكن لا بد أن يأسره غدًا إن شاءت النار فقال اللمين قوم بلاه ثم إنهم صبروا إلى الليل وقد نامت الأعاجم وهم آمنين من حوادث الزمان وما خبئ لهم عند مدبر الأكوان حتى توسط الليل فبينما هم في ألذ ما يكون من المنام وإذا بالصياح قد أخذهم من سائر الأقطار ووقع فيهم القتل السيف البتار فلا أحد قدر أن يثور من مكانه حتى طارت رأسه عن أبدانه وربما كان الرجل منهم إذا أخذ سلاحه قتل به أخاه وأعدمه الحياة ومنهم من كان متجرد بغير حسام وصارت المجوس شنيارها معكوس وجيشها مكبوس وعمل فيهم السيف والدبوس ولمعت السيوف في غياهب الملموس وزهقت النفوس وجرى الدما من الرجال مثل ذبح النيوس وعاد صباحهم معكوس وعمل فيهم البتار وقد اشتعلت نار الحرب إشعال وتحندل الأفيال وجرى الدما وسال فلا كنت تسمع للسيوف إلا الرنين ولا للمجاريح إلا الأنين وأخذهم السيف من الشمال واليمين وضاق عليهم البر الفسيح وتعاووا مثل عي الذبيح وضاق الخناق وشربوا من الموت أمر مذاق ووقف الحرب على قدم وساق وتعلقت الفرسان الفرسان والشجعان وطارت الرؤوس من الأبدان وزهقت النفوس من شدة الولهان وشيب الشجاع المصان وولى الجبان المهان وصار الدم ينزل والسيف يعمل ونار الحرب يشعل وكانت هذه الواقعة لا يعرف لها أول من آخر (يا سادة) وكان السبب في ذلك سبب عجيب وهو أنه لما رجع الملك من الميدان أخبر الوزير بما دار بينه وبين بيبرس من الكلام.

عنترة بن شداد الجزءالثاني

by مجهول

وكان بسطام قويًّا قلبه، وأراد أن يطلق رأس الجواد، فما مكنه عنتر بن شداد، بل أدركه وزعق فيه وطعنه بعقب الرمح فألقاه على وجه الأرض، وقال لأخيه شيبوب: شد كتافه حتى ننظر ما يجري بيننا وبين القادمين، فنظر نجاد إلى هذا الحال، فقال لمن معه: يا ويلكم، خذا هذا الأسود ابن ملكنا بسطام وشداه في الاعتقال، وإني أقول إنه ما قدر عليه إلا من خوفه من هذه الفرقة العبسية التي لحقت بصاحبها، حتى تعينه على هذه القضية، كما لحقنا نحن صاحبنا فدونكم وإياهم، فارفعوهم على أسنة الرماح وأنا أمزق جسد هذا الأسود، وأطلق لمولانا السراح لأني أقول: إن هذا الفارس هو عنتر، الذي قد سار بسطام ليأتي برأسه، ثم إنه حمل يطلب عنتر في خمسين فارسا، وحملت بقية الثلاثمائة فارس على عمارة ورفقته مثل السود القناعس، وقد قلوا في أعينهم وداروا بهم وتفرقوا كراديس ومواكب، فعند ذلك لزم بنو عبس القتال خوفًا من المهالك، فانظر أيها السامع إلى هذه الأشياء التي تحير العقول، فإن عمارة قد أتى يقاتل عنتر فصار معينا له بغير علمه واختياره، واحتاج أن يقاتل معه، ويخلص نفسه فزعا من العطب، ولو أمكنه الهروب من ذلك لهرب، ولكن ما قدر على ذلك لأن الأعداء قد أحدقت بهم من سائر الجهات والممالك، فقاتل وبذل المجهود وتزاعقت عليهم الفرسان مثل الأسود، وتواثبت الشجعان مثل الفهود، واقشعرت الجلود، وقدحت حوافر الخيل النار في الجلمود، وخيم الغبار على رأسهم حتى بقي مثل الرواقي الممدود، وفاضت الدموع على الخدود، وقدت الصوارم الهامات والقدود، وخفقت الرايات والبنود، وتلهجت في الأحشاء نار الحقود، وعادت وجوه الأبطال سود، من كثرة الغبار الممدود، ومما جرى عليها من نقض المواثيق والعهود، وشربت الأودية من أدمية الفرسان والكبود، وخسرت بنو زياد في ذلك اليوم المشهود، ورأت مقام عنتر في ذلك الوقت محمود، وأيقن عمارة أنه هالك من بين أهله ومفقود، وكاد أن يموت من الحسد، وعاد متنغصا مكمود، ثم إنه افتقد أصحابه فوجدهم قد فقد منهم خمسون فارسا، والباقون أشرفوا على الهلاك، فعندها قال عمارة: النجاة، ثم إنه لوى عنان جواده وولى هاربا، فتبعه عروة ومن بقي من رجاله، وهم لا يصدقون بالنجاة.

عنترة بن شداد الجزء الأول

by مجهول

وكان بسطام قويًّا قلبه، وأراد أن يطلق رأس الجواد، فما مكنه عنتر بن شداد، بل أدركه وزعق فيه وطعنه بعقب الرمح فألقاه على وجه الأرض، وقال لأخيه شيبوب: شد كتافه حتى ننظر ما يجري بيننا وبين القادمين، فنظر نجاد إلى هذا الحال، فقال لمن معه: يا ويلكم، خذا هذا الأسود ابن ملكنا بسطام وشداه في الاعتقال، وإني أقول إنه ما قدر عليه إلا من خوفه من هذه الفرقة العبسية التي لحقت بصاحبها، حتى تعينه على هذه القضية، كما لحقنا نحن صاحبنا فدونكم وإياهم، فارفعوهم على أسنة الرماح وأنا أمزق جسد هذا الأسود، وأطلق لمولانا السراح لأني أقول: إن هذا الفارس هو عنتر، الذي قد سار بسطام ليأتي برأسه، ثم إنه حمل يطلب عنتر في خمسين فارسا، وحملت بقية الثلاثمائة فارس على عمارة ورفقته مثل السود القناعس، وقد قلوا في أعينهم وداروا بهم وتفرقوا كراديس ومواكب، فعند ذلك لزم بنو عبس القتال خوفًا من المهالك، فانظر أيها السامع إلى هذه الأشياء التي تحير العقول، فإن عمارة قد أتى يقاتل عنتر فصار معينا له بغير علمه واختياره، واحتاج أن يقاتل معه، ويخلص نفسه فزعا من العطب، ولو أمكنه الهروب من ذلك لهرب، ولكن ما قدر على ذلك لأن الأعداء قد أحدقت بهم من سائر الجهات والممالك، فقاتل وبذل المجهود وتزاعقت عليهم الفرسان مثل الأسود، وتواثبت الشجعان مثل الفهود، واقشعرت الجلود، وقدحت حوافر الخيل النار في الجلمود، وخيم الغبار على رأسهم حتى بقي مثل الرواقي الممدود، وفاضت الدموع على الخدود، وقدت الصوارم الهامات والقدود، وخفقت الرايات والبنود، وتلهجت في الأحشاء نار الحقود، وعادت وجوه الأبطال سود، من كثرة الغبار الممدود، ومما جرى عليها من نقض المواثيق والعهود، وشربت الأودية من أدمية الفرسان والكبود، وخسرت بنو زياد في ذلك اليوم المشهود، ورأت مقام عنتر في ذلك الوقت محمود، وأيقن عمارة أنه هالك من بين أهله ومفقود، وكاد أن يموت من الحسد، وعاد متنغصا مكمود، ثم إنه افتقد أصحابه فوجدهم قد فقد منهم خمسون فارسا، والباقون أشرفوا على الهلاك، فعندها قال عمارة: النجاة، ثم إنه لوى عنان جواده وولى هاربا، فتبعه عروة ومن بقي من رجاله، وهم لا يصدقون بالنجاة.

ألف ليلة وليلة الجزء الرابع

by فكلور تقليدي

قالت بلغني أيها الملك السعيد أن حسنا لما أخذ ثوب البنت طلبته فلم تجده وطار أخواتها وتركنها وحدها فلما رآهن حسن طرن وغبن عنها أصغي إليها فسمعها تقول يا من أخذ ثوبي وأعراني سألتك أن ترده عليّ وتستر عورتي فلا أذاقك الله حسرتي فلما سمع حسن هذا الكلام منها سلب عقله في عشقها وازدادت محبته لها ولم يطق أن يصبر عنها فقام من مكانه وصار يجري حتى هجم عليها وأمسكها ثم جذبها إليه ونزل بها إلى أسفل القصر وأدخلها مقصورته ورمي عليها عباءته وهي تبكي وتعض على يديها فأغلق عليها الباب وراح لأخته وأعلمها أنه حصلها وظفر بها ونزل بها إلى مقصورته وقالا لها أنها الآن قاعدة تبكي وتعض على يديها فلما سمعت أخته كلامه قامت وتوجهت إلى المقصورة ودخلت عليها فرأتها تبكي وهي حزينة فقبلت الأرض بين يديها ثم سلمت عليها فقالت لها الصبية يا بنت الملك أهكذا تفعل الناس مثلكم هذه الفعال الرديئة مع بنات الملوك وأنت تعرفين إن أبي ملك عظيم وأن جميع ملوك الجان تفزع منه وتخاف من سطوته وعنده من السحرة والحكماء والكهان والشياطين والمردة مالا طاقة لاحد عليه وتحت يده خلق لا يعلم عددهم إلا الله تعالى وكيف يصلح لكم يا بنات الملوك أن تأوين رجال الأنس عندكن وتطلعنهم على أحوالنا وأحوالكن وإلا فمن أين يصل هذا الرجل إلينا فقالت لها أخت حسن يا بنت الملك أن هذا الأنسي كامل المروءة وليس قصده أمراً قبيحاً وإنما هو يحبك وما خلقت النساء إلا للرجال ولولا أنه يحبك ما مرض لأجلك وكادت روحه أن تزهق في هواك وحكت لها جميع ما أخبرها به حسن من عشقه لها وكيف عملت البنات في طيرانهن واغتسالهن وأنه لم يعجبه من جميعهن غيرها لأن كلهن جوار لها وأنها كانت تغطسهن في البحيرة وليست واحدة منهن تقدر أن تمد يدها إليها فلما سمعت كلامها يئست من الخلاص فعند ذلك قامت أخت حسن وخرجت من عندها وأحضرت لها بدلة فاخرة فألبستها أياها وأحضرت لها شيئاً من الأكل والشرب فأكلت هي وأياها وطيبت قلبها وسكنت روعها ولم تزل تلاطفها بلين ورفق وتقول لها ارحمي من نظرك نظرة فأصبح قتيلاً في هواك ولم تزل تلاطفها وترضيها وتحسن لها القول والعبارة وهي تبكي إلى أن طلع الفجر فطابت نفسها وأمسكت عن بكائها لما علمت أنها وقعت ولا  يمكن خلاصها وقالت لأخت حسن يا بنت الملك بهذا حكم الله على ناصيتي من غربتي وانقطاعي عن بلدي وأهلي وأخوتي فصبر جميل على ما قضاه ربي ثم أن أخت حسن أخلت لها مقصورة في القصر لم يكن هناك أحسن منها ولم تزل عندها تسليها وتطيب خاطرها حتى رضيت وانشرح صدرها وضحكت وزال ما عندها من الكدر وضيق الصدر من فراق الأهل والأوطان وفراق أخواتها وأبويها وملكها ثم أن أخت حسن خرجت إليه وقالت له قم ادخل عليها في مقصورتها وقبّل يديها ورجليها فدخل وفعل ذلك ثم قبلها بين عينيها وقال لها يا سيدة الملاح وحياة الأرواح ونزهة الناظرين كوني مطمئنة القلب أنا ما أخذتك إلا لأجل أن أكون عبدك إلى يوم القيامة وأختي هذه جاريتك وأنا يا سيدتي ما قصدي إلا أن أتزوجك بسنة الله ورسوله وأسافر إلى بلادي وأكون أنا وأنت في مدينة بغداد واشتري لك الجواري والعبيد ولي والدة من خيار النساء تكون في خدمتك وليس هناك بلاد أحسن من بلادنا وكل ما فيها أحسن مما في غيرها من سائر البلاد وأهلها وناسها ناس طيبون بوجوه صباح فبينما هو يخاطبها ويؤانسها وهي لا تخاطبه بحرف واحد وإذا بدق يدق باب القصر فخرج حسن ينظر من بالباب فإذا هن البنات قد حضرن من الصيد والقنص ففرح بهن وتلقاهن وحياهن فدعون له بالسلامة والعافية ودعا لهن الآخر ثم نزلن عن خيولهن ودخلن القصر ودخلت كل واحدة منهن مقصورتها وفرغت ما كان عليها من الثياب الرثة ولبست قماشاً مليحاً وقد اصطدن شيئاً كثيراً من الغزلان وبقر الوحوش والأرانب والسباع والضباع وغير ذلك وقدمن منه شيئاً إلى الذبح وتركن الباقي عندهن في القصر وحسن واقف بينهن مشدود الوسط يذبح لهن وهن يلعبن وينشرحن وقد فرحن بذلك فرحاً شديداً فلما فرغن من الذبح قعدن يعملن شيئاً ليتغذوا به فتقدم حسن إلى البنت الكبيرة وقبل رأسها وصار يقبل رأسهن واحدة بعد واحدة فقلن له لقد أكثرت التنزل الينا يا أخانا وعجبنا من فرط توددك الينا وأنت رجل آدمي ونحن من الجن فدمعت عيونه وبكي بكاء شديداً فقلن ما الخبر وما يبكيك فقد كدرت عيشنا ببكائك في هذا اليوم كأنك اشتقت إلى والدتك وإلى بلادك فإن كان الأمر كذلك فنجهزك ونسافر بك إلى وطنك وأحبابك فقال لهن والله ما مرادي فراقكم فقلن له وحينئذ من شوش عليك منا حتى تكدرت فخجل أن يقول ما شوش على الأعشق الصبية خيفة أن ينكرن عليه فسكت ولم يعلمهن بشيء من حالة فقامت أخته وقالت لهن اصطاد طيرة من الهواء ويريد منكن أن تعنه على تأهيلها فالتفتن إليه كلهن وقلن له نحن كلنا بين يديك ومهما طلبته فعلناه لكن قص علينا خبرك ولا تكتم عنا شيئاً من حالك فقال لاخته قصى خبري عليهن فإني استحي منهن ولا أقدر أن أقابلهن بهذا الكلام وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.  

القانون في الطب 2

by ابن سينا

اعلم أن المرارة كيس معلّق من الكبد إلى ناحية المعدة من طبقة واحدة عصبانية ولها ضمّ إلى الكبد ومجرى فيه يجذب الخلط الرقيق الموافق لها والمرار الأصفر ويتصل هذا المجرى بنفس الكبد والعروق التي فيها يتكون الدم وله هناك شعب كثيرة غائصة وإن كان مدخل عمودها من التقعير والفم ومجرى إلى ناحية المعدة‏.‏ والأمعاء ترسل فيه إلى ناحيتهما فضل الصفراء على ما ذكرناه في الكتاب الأول‏.‏ وهذا المجرى يتصل أكثر شعبه بالاثني عشري وربما اتصل شيء صغير منه بأسفل المعدة وربما وقع الأمر بالضد فصار الأكبر المتصل بالوعاء الأغلظ إلى أسفل المعدة والأصغر إلى الاثني عشري‏.‏ وفي أكثر الناس هو مجرى واحد متصل بالاثني عشري‏.‏ وأما مدخل الأنبوبة المصاصة للمرارة في المرارة فقريب من مدخل أنبوبة المثانة في المثانة‏.‏ ومن عادة الأطباء الأقدمين أن يسموا المرار الكيس الأصغر كما أنه من عادتهم أن يسموا المثانة الكيس الأكبر ومن المنافع في خلقة المرارة تنقية الكبد من الفضل الرغوي وأيضاً تسخينها كالوقود تحت القدر وأيضاً تلطيف الدم وتحليل الفضول وأيضاً تحريك البراز وتنظيف الأمعاء وشدّ ما يسترخي من العضل حوله وإنما لم يخلق في الأكثر للمرارة سبيل إلى المعدة لتغسل رطوباتها بالمرة كما تغسل بها في رطوبات الأمعاء لأن المعدة تتأذى بذلك وتغثّي ويفسد الهضم فيها بما يخالط الغذاء من خلط رديء ويأتيها من العرق الضارب‏.‏ وللعصبة التي تتصل بالكبد شعبتان صغيرتان جداً والمرارة كالمثانة طبقة واحدة مؤلفة من أصناف الليف الثلاثة وإذا لم تجذب المرارة المرار أو جذبت فلم تستنق عنه حدثت آفات فإن الصفراء إذا احتبست فوق المرارة أو رمت الكبد وأورثت اليرقان وربما عفنت وأحدثت حميات رديئة‏.‏ وإذا سالت إلى أعضاء البول بإفراط قرحت وإذا سالت إلى عضو ما أحدثت الحمرة والنملة وإذا دبت في البدن كله ساكنة غير هائجة أحدثت اليرقان وإذا سالت عن المرارة إلى الأمعاء بإفراط أورثت الإسهال المراري والسحج‏.‏  

صيد الخاطر

by ابن قيم الجوزي

لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ثم تعرض عنها فتذهب كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى‏.‏ وقد قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ قيدوا العلم بالكتابة‏.‏ وكم قد خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه‏.‏ ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكر سنح له من عجائب الغيب ما لم يكن في حساب فأنثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه فجعلت هذا الكتاب قيداً - لصيد الخاطر - والله ولي النفع إنه قريب مجيب‏.‏ قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة‏!‏ فتدبرت السبب في ذلك فعرفته‏.‏ ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين‏.‏ أحدهما‏:‏ أن المواعظ كالسياط والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها‏.‏ والثاني‏:‏ أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا وأنصت بحضور قلبه فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها وكيف يصح أن يكون كما كان‏!‏‏.‏ وهذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر‏.‏ فمنهم من يعزم بلا تردد ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه‏:‏ نافق حنظلة‏!‏‏.‏ ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً فهم كالسنبلة تميلها الرياح‏!‏‏.‏ وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه كما دحرجته على صفوان‏.‏ جواذب الطبع إلى الدنيا كثيرة ثم هي من داخل وذكر الآخرة أمر خارج عن الطبع من خارج‏.‏ وربما ظن من لا علم له أن جواذب الآخرة أقوى لما يسمع من الوعيد في القرآن‏.‏ وليس كذلك‏.‏ لأن مثل الطبع في ميله إلى الدنيا كالماء الجاري فإنه يطلب الهبوط وإنما رفعه إلى فوق يحتاج إلى التكلف‏.‏ ولهذا أجاب معاون الشرع‏:‏ بالترغيب والترهيب يقوى جند العقل‏.‏ فأما الطبع فجواذبه كثيرة وليس العجب أن يغلب إنما العجب أن يغلب‏.‏  

شرح تشريح القانون

by ابن النفيس

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وجملة العظام دعامة وقوام للبدن وما كان من هذه العظام إنما يحتاج إليه للدعامة فقط أو للوقاية ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء فإنه خلق مصمتاً وإن كان فيه المسام والفرج التي لا بد منها‏.‏ إلى قوله‏:‏ والعظام كلها متجاورة متلاقية‏.‏ الشرح كل عضو ولا بد أن يكون في جرمه خلل ينفذ فيه الغذاء إلى عمقه وهذا الخلل إن لم يكن محسوساً سمي مساماً ويسمى ما كان خلله من العظام كذلك مصمتاً لأنه مصمت في الحس وإن كان ذلك الخلل محسوساً فإما أن يكون متفرقاً في جرم العضو كما في عظم الفك الأسفل فيسمى ما كان من العظم كذلك هشاً متخلخلاً أولا يكون متفرقاً في جرمه بل مجتمعاً في موضع واحد فيسمى ما كان من العظام كذلك مجوفاً‏.‏ وكل عظم فإما أن يكون صغيراً جداً كالأنملة بل كالعظام السمسمانية فلا يحتاج فيه إلى تجويف محسوس لأن هذا لصغره يتمكن الغذاء من النفوذ إلى قعره بسهولة لقصر المسافة أولا يكون صغيراً‏.‏ فإما أن يكون المقصود منه الحركة أو آلة الدعامة والوقاية أو مجموع الأمرين‏.‏ والحركة تحوج إلى الخفة وذلك يقتضي التجويف‏.‏ والدعامة والوقاية يحوجان إلى قوة الجرم وذلك يحوج إلى عدم التجويف وإذا اجتمع الأمران روعي كل واحد منهما وتكون أكثر العناية مصروفة إلى الأهم منها وهو الذي الحاجة إليه من ذلك العظم أشد فلذلك خلق عظم الفك الأسفل كثير التجويف متخلخلاً لتكون خفته كبيرة إذ معظم الحاجة إليه إنما هو الحركة‏.‏ وخلق العظم الوتدي مصمتاً لشدة الحاجة فيه إلى الدعامة والوقاية والوثاقة مع عدم الحاجة إلى الحركة‏.‏ وخلق كل واحد من عظمي الساق والساعد ذا تجويف واحد لاجتماع الغرضين فيه‏.‏ لأن عظم الساق مجوفاً يحتاج إلى قوة الجرم ليكون قوياً على حمل البدن ويحتاج إلى الخفة لأجل سهولة الحركة ففائدة تجويفه أن يكون أخف وفائدة توحيد التجزيف أن يبقى جرمه قوياً فتجتمع الخفة من القوة وهذا كما في القنا والقصب‏.‏ قوله‏:‏ وجعل تجويفه في الوسط واحداً ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة‏.‏ أما أن هذا التجويف يكون في الوسط فلأمرين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن التجويف لو مال إلى جهة لضعف جرم العظم من تلك الجهة فكان يتهيأ للانكسار منها وذلك لأن الجوانب إذا كانت كلها متساوية في القوة لم يمكن الانكسار من جهة منه أولى منن غيرها فيكون حصوله أعسر ولو كان كل واحد من الجوانب أضعف من الجانب الذي ضعف لو حده وكذلك فإن الصفارين ونحوهم يحزون الموضع الذي يريدون الانكسار منه حزاً يسيراً فينكسر المنحز من ذلك الموضع أسهل مما لو كان جرمه من كل جانب بتلك القوة وما ذلك إلا لتعيين موضع يكون أولى بالانكسار‏.‏ وثانيهما: وأما أن هذا التجويف يكون واحداً فلأنه لو كان كثيراً لضعف جرم العظم لأجل تخلخله‏.‏ وأما قوله‏:‏ ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة منه فهو مشكل‏.‏ وذلك لأن اللازم لكون التجويف غير واحد‏.‏ وهو أن يكون كثيراً متفرقاً في جرم العظم ويلزم ذلك أن يكون جرمه ضعيفاً‏.‏ وأما أن مواقف الغذاء تكون كثيرة متفرقة فإنما يلزم لو كان التجويف صغيراً حتى لا يبقى الواحد بأن يكون كافياً في التغذي فيحتاج أن يكون كثيراً فيكون ذلك تقليلاً لفائدة خلقه ذلك التجويف عظيماً لكونه واحداً وقد ذكر الشيخ للمخ ثلاث فوائد‏.‏ إحداها: أن يغذ العظم وقد تكلمنا في ذلك فيما سلف‏.‏ وثانيتها‏:‏ أن يرطبه حتى لا يجف بالحركة حركة وإنما ذكر فائدة الترطيب ولم يذكر فائدة التغذية‏.‏ لأن فائدة التغذية معلومة‏.‏ بل هي فائدة مستقلة بنفسها فيكون السكوت عنها غير مستقبح ولا كذلك فائدة الترطيب‏.‏ فإنه قد يظن أنه ضار بالعظم وخصوصاً الذي يراد أن يكون جرمه قوياً لأن قوة العظم تتبع صلابته والترطيب يمنع الصلابة‏.‏ وثالثها‏:‏ أن يكون العظم كالمصمت مع كونه مجوفاً‏.‏ ولقائل أن يقول‏:‏ إن هذا مما لا أثر له في زيادة القوة فلا يصلح أن تكون فائدة فيها‏.‏ قوله‏:‏ والتجويف يقل إذا كانت الحاجة إلى الوقاية أكثر ويكثر إذا كانت الحاجة إلى الخفة أكثر‏.‏

الملل والنحل

by أبو الفتح الشهرستاني

هذا الكتاب يحدثنا فيه الشهرستاني، أولاً عن الخلافات التي وقعت في الوحدة الإسلامية، مبيناً الفرق الإسلامية وغير الإسلامية التي ظهرت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وما لهم من آراء ومعتقدات، وكتب، وهو في حديثه عن الفرق الغير الإسلامية أخذ يذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأشهر فرقهم وما أرتاه أصحاب السبت، من استقباح النسخ، وما فعلته السامرة، من عبادة العجل وما أعلنوه من أن لا نبوة لغير "موسى" "ويوشع" عليهما السلام، وما اختلفت فيه النصارى وبدلوه وغيروه في إنجيلهم، وقولهم في الواحد الأحد إنه ثلاثة أقانيم وما ابتدعته الملكانية، من امتزاج الكلمة بجسد المسيح، وقد وصفوه بأنه ناسوت كلي لا جزئي، وهو قديم أزلي، من قديم أزلي وما فعلته العيسويّة من إدعاء الربوبية لعيسى عليه السلام، وزعمت أنه كان قديماً، لا في مكان ثم تجسم فصار جسداً وما تسميته النسطورية من إسباغ اللاهوت، على عيسى عليه السلام، واستئثار ببدن الناسوت، ثم أخذ في ذكر من لهم شبه كتاب وسرد المجوسية، وأصحاب اللأثنينيه والمانوية وسائر فرقهم، وما زاغت به عقائدهم، وما عبدوه من نيران، وما اتخذوه من سنن وصلوات، وما كلفهم أن يأتوه، وما حرم عليهم من منكرات وسرد ما أباحته المزدكية من استحلال النساء، واستباحة الأموال، واعتبار الناس شركاء فيها، واستباحتهم قتل الأنفس لتخليصها من الشر ومزاج الظلمة، ... ما أتاه ديصان من إثبات أصلين نور وظلام، نور وظلام، فالخير من النور والشر من الظلام، فأثبتوا إلهين متضادين، النور والظلمة، وجعلوا لهما ثالث هو المعدل الجامع، وهو دون النور في الرتبة وفوق الظلام في المنزلة والكينونة وما ذهبوا إليه من أن الأصول ثلاثة النار والأرض والماء... ثم أخذ في سرد بيوت النيران وبنائها وأماكنها، وما ذهب إليه القوم من تعظيمها وأن في تعظيمها نجاة من عذاب النار، ثم إنه انتقل إلى الكلام على أهل الأهواء والنحل وفي مذهبه أنهم هم الذين يقابلون أرباب الديانات والملل، وذكر أنهم يعتمدون في مذاهبهم، على الفطرة السليمة، والعقل الكامل، فأخذوني ذكر الصائبة، وما ذهبوا إليه من عبادة الملائكة وما تعصبوا به للروحانيات، واعتبارهم الروحانيين، مبرئين، عن القوى الجسدانية، منزهين عن الحركات المكانية جبلوا على العم، والطهارة، ثم أخذ في سرد آرائهم، وأقاويلهم دما أجابت به الحنفاء على ترهاتهم، وأخذ يتكلم في القوى وأقسامها، وهو فى ذلك كله، متأثر بما نقل عن أرسطو طاليس في فلسفته، معتمداً على ما جاء في كتب ابن سينا، في إشاراته وشقائه ونجاته، وسرد الكلام على أصحاب الهياكل والأشخاص وأنها متوسطات، تصلهم إلى بارئهم. ثم أخذ يتكلم عن الحرناتنيين، وطريقهم وما عبدوه من النجوم وما استندوا إليه في التنجيم، وما أظهروه من الطبيعات والإلهيات ثم الرياضيات، وما ابتكروه من علوم في الوصول إلى فلسفتهم، وأخذ يقارن بين فلاسفة اليونان وحكماء العرب وحكماء البراهمة... وبعد ذلك أخذ في ذكر آراء حكماء الهنود، وآرائهم المختلفة، وسرد ما عرفه عن البراهمة، وما ذهبوا إليه من قدم العالم، ثم أخذ في بيان مشهوري طوائفهم، وما أخذوه من عقائد وعادات. ولما كان هذا الكتاب من أهم الكتب المدونة في بابها فقد اعتنى "أبو عبد الله السعيد المندوه" بتحقيقه وبالتقديم له بنمس مقدمات جاءت بـ: المقدمة الأولى: في بيان أقسام أهل العالم جملة ومرسلة. المقدمة الثانية: في تعيين قانون يبني عليه تعديد الفرق الإسلامية، المقدمة الثالثة: في بيان أول شبهة وقعت في الخليقة، ومن مصدرها ومن مظهرها؟ المقدمة الرابعة: في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية، وكيفية انشعابها، ومن مصدرها، ومن مظهرها؟ المقدمة الخامسة: في بيان السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب

الموطأ

by ألأمام مالك بن أنس الأصبحي

حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ ‏.‏ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا ‏.‏ فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ‏"‏ ‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْتُ فَقَالَ سَعْدٌ لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ ‏.‏ فَقَالَ قُمْ فَتَوَضَّأْ فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ ‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَمَا يَجْزِيكَ الْغُسْلُ مِنَ الْوُضُوءِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أَمَسُّ ذَكَرِي فَأَتَوَضَّأُ ‏.‏ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هَذِهِ لَصَلاَةٌ مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا ‏.‏ قَالَ إِنِّي بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأْتُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ مَسِسْتُ فَرْجِي ثُمَّ نَسِيتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ فَتَوَضَّأْتُ وَعُدْتُ لِصَلاَتِي ‏.‏

المختار للفتوى

by ابن مودود الموصلي الحنفي

فقد رغب إلى من وجب جوابه على أن أجمع له مختصراً في الفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وأرضاه، مقتصراً فيه على مذهبه، معتمداً فيه على فتواه، فجمعت له هذا المختصر كما طلبه وتوخاه، وسميته: المختار للفتوى لأنه اختاره أكثر الفقهاء وارتضاه. ولما حفظه جماعة من الفقهاء واشتهر، وشاع ذكره بينهم وانتشر، طلب مني بعض أولاد بني أخي النجباء أن أرمزه رموزاً يعرف بها مذاهب بقية الفقهاء، لتكثر فائدته، وتعم عائدته، فأجبته إلى طلبه، وبادرت إلى تحصيل بغيته بعد أن استعنت بالله وتوكلت عليه واستخرته وفوضت أمري إليه، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يوفقني لإتمامه، ويختم لي بالسعادة عند اختتامه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل.  

عنترة

by أحمد شوقى

  نالت هذه المسرحية شهرة عربية وعالمية، وتم تنفيذها سينيمائيًا ومسرحيًا، كما تم تقريرها في المناهج الدراسية على طلبة المدارس والجامعات، وكذلك على مسارح الجامعات والمعاهد العليا وقصور الثقافة وغيرها.....  في منتصف القرن الأول قبل الهجرة تقريبًا.. ببادية نجد  .. وتحديدًا في مضارب أو أحياء يني عبس وبني عامر وما بينهم.  تقع أحداث هذه المسرحية الشعرية التي تحكي قصةً من أشهر قصص الحب في التاريخ العربي، وهي قصة  فارس بني عبس ومحبوبته وابنة عمه عبلة.. وتتخذ من الأسماء العربية الشهيرة شخصياتها: (عنترة)  فارس بني عبس، أسود لأمه، (عبلة) محبوبة عنترة وابنة عمه، (مالك)  أبو عبلة، (زهير) أخو عبلة، (عمرو) أخو عبلة، (صخر) سري من سراة عامر يحب عبلة ويتردد على حيها ويخطبها، (ضرغام) فارس شاب من فرسان عبس يحب عبلة ويخطبها كذلك، (ناجية) فتاة من عبس تحب صخرًا، ( شدّاد) أبو عنترة، (داحس) رفيق عنترة، والعبدان (مارد غضبان)، ( رستم ) قائد الفرس، (سعاد) خادمة عبلة. إضافة إلى شخصيات أخرى: رجال وخدم وفتيات من عبس وعامر، راقصات ومغنيات وزامرون، ولصوص... إلخ.  وفي هذا النص الروائي تلعب الدراما دورًا كبيرًا في إبراز الصراع بين القوى البشرية المتفاوتة على مدى22 مشهدًا هي زمن الفصل الأول و14 مشهدًا هي زمن الفصل الثاني وحوالي 18 مشهدًا هي زمن الفصلين الثالث والرابع... كما يلعب الديكور والملابس دورًا هامًا في إعطاء الإحساس بالجو العام لزمن الرواية، ونقل الحالة الشعورية التي هي لسان حال الشخصيات، فنلاحظ الإصرار على وجود النخيل والخيام وخباء النساء والرمال والكثبان والربوة العالية على خشبة المسرح.. وكذلك أصوات الطبيعة الخلابة من حفيف الشجر والنخيل وأصوات القصاع والسيوف ونباح الكلاب، ومجالس الأنس والقهوة العربية، والغناء باللغة العربية الفصحى التي هي لغة أرض نجد والحجاز موقع الأحداث.

تربية المرأة والحجاب

by محمد طلعت حرب

الفضل في فتح باب هذا البحث لكتاب تحرير المرأة الذي وضعه حضرة الفاضل قاسم بك أمين يقول فيه: إن المرأة مساوية للرجل من جميع الوجوه، وإن الرجل ظالم لها في حقوقها، ويحثُّ فيه على تربيَّـة المرأة وتعليمها كما يتعلَّم الرجل سواءً بسواءٍ، ويقول بلزوم رفع الحجاب، ووجوب الاختلاط؛ لأن حجاب المرأة وعدم اختلاطها مما يقيِّد حريَّـتها التي منحها الله إيَّاها، ويمنع من قيامها بالعمل المكلَّـفة به في الهيئة الاجتماعية، إلى آخر ما يدعو إليه، ولم يكد يظهر هذا الكتاب في عالم الوجود حتى أُشِيع في بعض الجرائد أنه تألَّـفت لجنة في مصر تحت رعاية عظيم بها لتحرير المرأة الشرقيَّـة على الطريقة التي أشار إليها حضرة المؤلِّـف في كتابه، وأخذ الناس من ذلك الوقت يبحثون في موضوع الكتاب، وما احتوى عليه من أفكار وأماني؛ ولقد انقسموا حزبين: حزبًا يرى رأى المؤلِّـف وهم قلائل يُعدُّون على الأصابع، والحزب الآخر وهو الأعظم عددًا أجمع على استهجان ما ورد بالكتاب، ويقول إنه يدعو إلى بدعة في الدين لا في العوائد فقط، وكلا الحزبين مسلم، والحمد لله بأن الدين لا يمنع مطلقًا من تعليم المرأة وتربيتها وتهذيبها بل هو يحضُّ على ذلك، ويأمر به، ولكنهما يختلفان فيما ينبغي أن تعلمه المرأة، وفي طريقة التعليم والتهذيب. ولمَّا رأينا هذا الجدال والكفاح بين فريقين يعزِّز كل منهما قوله بالشرع، ويقول إن الحق والدين في جانبه، ورأينا أنه لم يكد يخلو مجتمع من الكلام في هذا الموضوع تاقت نفسنا إلى البحث والتنقيب والدخول فيه، ونحن نعرض على القُرَّاء نتيجة بحثنا، فإن أخطأنا فلنا من حسن النيَّـة ما نرجو معه غفران سيئات خطئنا، وإن أصبنا المرمى- كما نظنُّ- فلسنا نسأل على عملنا أجرًا فنقول: أول شيء طرأ على ذهننا حين قرأنا الكتاب، ورأينا الناس أخذت تسلق حضرة المؤلِّـف بألسنة حداد، ويحملون عليه وعلى كتابه حملات لم نتعوَّدها على مؤلِّـف غيره من قبل أن لا بُدَّ في الأمر من شيء مهم حمل الناس على ذلك؛ إذ لا يمكن أن يجتمع كل الناس على ضلالة، ولا يخفى أن ألسنة الخلق أقلام الحق؛ فأخذنا نسأل ونتساءل ونبحث ونتناظر حتى علمنا أن معظم هياج الرأي العام على حضرة المؤلِّـف ناتج مما هو راسخ في أذهانهم من أن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنيَّـة تتمنَّـاها أوروبا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كلُّ مَنْ وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي، ويقولون: إن "للأوروباوبين مطامع قديمة، ومآرب في النفس يظهرها "زيادة التقرُّب من العالمين الشرقي والغربي حتى أن بعض أمراء المسلمين" "اتَّخذ هذه المقاصد ذريعة يتقرَّب بها إلى بعض دول أوروبا في نيل" "مآربه؛ ومن ذلك أن إسماعيل باشا خديوي مصر الأسبق لمَّا كانت" "نفسه تميل إلى الاستقلال، وتكوين مملكة مستقلَّة بأفريقيا يحكمها هو" "ومَنْ يأتي بعده من أولاده كان عاملاً على جذب دول أوروبا إليه"؛ "لتساعده على تحقيق أمنيَّته في مقابلة تحقيقه أمنيَّتهم بأن يدخل العادات" "الإفرنكية بين أمَّـته مما كان يظنُّه سهل المنال حتى أنه كان كثيرًا ما يتظاهر" "ويقول إن مصر قطعة من أوروبا، وإن أخلاق المصريين وعوائدهم التي" "ورثوها ستصبح بمساعيه بعد قليل مماثلة لعوائد أوروبا وأخلاقها ليكون" "له من ذلك وسيلة يتقرَّب بها إليهم لما رآه وعلمه من مخالطة أمرائهم" "وعلمائهم وأرباب الأفكار والسياسة منهم الذين يعلمون حقَّ العلم أنه لم" "يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي – في المشرق لا في مصر" "وحدها – إلاَّ أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل بل الفساد الذي عمَّ" "الرجال في المشرق.

كليلة و دمنة

by مجهول

قال علي بن الشاه الفارسي: كان السبب الذي من أجله وضع بيدبا الفيلسوف لدبشليم ملك الهند كتاب "كليلة ودمنة" أن الإسكندر ذا القرنين الرومي لمَّا فرغ من أمر الملوك الذين كانوا بناحية المغرب سار يريد ملوك المشرق من الفرس وغيرهم. فلم يزل يحارب مَنْ نازعه ويواقع مَنْ واقعه ويسالم مَنْ وادعه من ملوك الفرس وهم الطبقة الأولى حتى ظهر عليهم وقهر مَنْ ناواه، وتغلَّب على مَنْ حاربه فتفرَّقوا طرائق وتمزَّقوا حزائق؛ فتوجه بالجنود نحو بلاد الصين فبدأ في طريقه بملك الهند ليدعوه إلى طاعته والدخول في ملته وولايته. وكان على الهند في ذلك الزَّمان ملك ذو سطوة وبأس وقوة ومراس يقال له فور؛ فلمَّا بلغه إقبال ذي القرنين نحوه تأهب لمحاربته واستعدَّ لمجاذبته وضمَّ إليه أطرافه وجدَّ في التألب عليه وجمع له العدَّة في أسرع مدَّة، من الفيلة المعدَّة للحروب والسباع المضراة بالوثوب، مع الخيول المسرجة، والسيوف القواطع، والحراب اللوامع. فلمَّا قرب ذو القرنين من فور الهندي وبلغه ما قد أعدَّ له من الخيل التي كأنها قطع الليل، مما لم يلقه بمثله أحد من الملوك الذين كانوا في الأقاليم، تخوَّف ذو القرنين من تقصير يقع به إن عجَّل المبارزة. وكان ذو القرنين رجلاً ذا حيل ومكايد مع حسن تدبير وتجربة؛ فرأى إعمال الحيلة والتمهُّل، واحتفر خندقًا على عسكره وأقام بمكانه لاستنباط الحيلة والتدبير لأمره وكيف ينبغي له أن يقدم على الإيقاع به، فاستدعى المنجمين وأمرهم بالاختيار ليوم موافق تكون له فيه سعادة لمحاربة ملك الهند والنصرة عليه؛ فاشتغلوا بذلك. وكان ذو القرنين لا يمرُّ بمدينة إلاَّ أخذ الصُنَّاع المشهورين من صُنَّاعها بالحذق من كل صنف؛ فنتجت له همته ودلته فطنته أن يتقدَّم إلى الصناع الذين معه أن يصنعوا خيلاً من نحاس مجوفة عليها تماثيل من الرجال على بكر تجري، إذا دفعت مرَّت سراعًا، وأمر إذا فرغوا منها أن تُحْشَى أجوافها بالنفط والكبريت وتلبس وتقدَّم أمام الصف في القلب، ووقف ما يلتقي الجمعان تضرب فيها النيران، فإن الفيلة إذا لفت خراطيمها على الفرسان وهي حامية ولَّت هاربة، وأوعز إلى الصناع بالتشمير والانكماش والفراغ منها؛ فجدُّوا في ذلك وعجَّلوا وقرب أيضًا وقت اختيار المنجمين؛ فأعاد ذو القرنين رسله إلى فور بما يدعوه إليه من طاعته والإذعان لدولته؛ فأجاب جواب مُصرٍّعلى مخالفته مقيم على محاربته. فلمَّا رأى ذو القرنين عزيمته سار إليه بأهبته وقدَّم فور الفيلة أمامه، ودفعت الرجال تلك الخيل وتماثيل الفرسان، فأقبلت الفيلة نحوها ولفت خراطيمها عليها، فلمَّا أحسَّت بالحرارة ألقت مَنْ كان عليها وداستهم تحت أرجلها ومضت مهزومة هاربة لا تلوي على شيء ولا تمرُّ بأحد إلاَّ وطئته. وتقطع فور وجمعه وتبعهم أصحاب الإسكندر وأثخنوا فيهم الجراح، وصاح الإسكندر: يا ملك الهند ابرز إلينا وأبق على عدتك وعيالك ولا تحملهم على الفناء. فإنه ليس من المروءة أن يرمي الملك بعدته في المهالك المتلفة والمواضع المجحفة، بل يقيهم بماله ويدفع عنهم بنفسه. فابرز إلي ودع الجند فأينا قهر صاحبه فهو الأسعد. فلمَّا سمع فور من ذي القرنين ذلك الكلام دعته نفسه إلى ملاقاته؛ طمعًا فيه، وظن ذلك فرصة، فبرز إليه الإسكندر فتجاولا على ظهري فرسيهما ساعات من النهار ليس يلقى أحدهما من صاحبه فرصة ولم يزالا يتعاركان. فلمَّا أعيا الإسكندر أمره ولم يجد فرصة ولا حيلة أوقع ذو القرنين في عسكره صيحة عظيمة ارتجت لها الأرض والعساكر؛ فالتفت فور عندما سمع الزعقة وظنَّها مكيدة في عسكره، فعاجله ذو القرنين بضربة أمالته عن سرجه أتبعها بأخرى فوقع إلى الأرض. فلمَّا رأت الهنود ما نزل بهم وما صار إليه ملكهم حملواعلى الإسكندر فقاتلوه قتالاً أحبوا معه الموت، فوعدهم من نفسه الإحسان ومنحه الله أكتافهم فاستولى على بلادهم وملَّك عليهم رجلاً من ثقاته وأقام بالهند حتى استوسق  له ما أرد من أمرهم واتفاق كلمتهم، ثم انصرف عن الهند وخلَّف ذلك الرجل عليهم ومضى متوجهًا نحو ما قصد له.  

الموسيقي الشرقية والغناء العربي

by قسطندي رزق

لقد أُشربت محبة المرحوم عبده الحمولي منذ نعومة أظفاري يوم خالط المرحوم والدي بالزقازيق وزارنا في دارنا وغنانا غناءه العربي؛ فأعجبت به أيما إعجاب وارتسمت في ذهني صورة العروبة الفخمة بما مثَّل أمامنا من الحركات والأقوال التي صوَّرت لي إباء العرب وفروسيتهم وعظمتهم، وما أتاه من شجيّ التلحين وحسن الأداء، وتفخيم اللفظ الدال على معناه، والإبانة في مخارج الحروف، فهو حرىُّ بأن يكنى بغريد الشرق الذي لا تفتح العين على مثله، وأخذت منذ ذلك الحين أشعر بتيار موسيقى يتمشى في عروقي إلى أن أضحيت من المولعين بالغناء العربي الذي لا أصبو إلا إليه، وحزت ملكة التمييز بين جيده ورديئه لا سيما إذا سمعت ركزا لخليط مجدد. ولما هبَّ على الموسيقى العربية عاصف التجديد، وحاول أن يقتلع جذورها من تربتها المباركة الخصبة، شمرت لصد ذلك التيار عنها غيرة على عظمتها وسحرها، واتقاء للرمق الباقي منها، إذ هي الآن والعياذ بالله واقفة على مفترق طريقين لا محيد لها عن سلوك واحد منهما، فإما أن تحيا وتستعيد ماضي شبابها إذا تداركها أولو الأمر منا، وإما أن يسجل عليها الموت الذي لا حياة بعده إذا ألقينا حبل المجددين على غاربهم يجهزون على تلحيننا القومي ويرتضخون لَكْنَةً غربية بدلا من ترديد نبرنا العربي،

البحث بعد التعديل وفقا لتوجيهات المحكمين -نطاق التزام الطبيب

by Dubai Police Academy

إزاء التطورات التكنولوجية المتواترة والطارئة على المعدات والآلات المخصصة لأعمال التشخيص والعلاج والاكتشافات المتعاقبة الناجمة عن أبحاث الطب الحيوي وما قد يترتب عنها من حوادث تلحق في الغالب أضرارا غير مألوفة بالمرضى , ونظرا لما سبق هذا المعطى الطبي من تنامي إلمام العامة بالمعطيات الأساسية المتعلقة بالعديد من جوانب النفاذ للمعلومة الطبية , كان من اللازم الانتقال بطبيعة العلاقة بين الطبيب ومريضه من الوصاية الطبية المطلقة إلى الشراكة التدرجية في اتخاذ القرار الملائم للتدخل الطبي وفقا للحالة الصحية للمريض , والتي تستوجب تبصيره بحقيقة حالته في الحال وفي المآل وما تتطلبه من تدخلات قد تحيط بها مخاطر معتبرة .فمن جهة يقتضي مبدأ معصومية الجسد أنه لا يمكن المساس بجسد الذات البشرية إلا بعد موافقتها المستنيرة , ومن جهة أخرى تتطلب ممارسة المهنة الطبية حدا أدنى من الأمان القانوني بما يكفل أخذ المبادرة وتطوير سبل التشخيص والعلاج وفقا لمسؤولية تغلب الجانب الفني للطبيب على تعهداته الإنسانية

Magic Squares in the Tenth Century: Two Arabic Treatises by Anṭākī and Būzjānī (Sources and Studies in the History of Mathematics and Physical Sciences)

by Jacques Sesiano

This volume contains the texts and translations of two Arabic treatises on magic squares, which are undoubtedly the most important testimonies on the early history of that science. It is divided into the three parts: the first and most extensive is on tenth-century construction methods, the second is the translations of the texts, and the third contains the original Arabic texts, which date back to the tenth century.

Thābit ibn Qurra’s Restoration of Euclid’s Data: Text, Translation, Commentary (Sources and Studies in the History of Mathematics and Physical Sciences)

by Nathan Sidoli Yoichi Isahaya

This book provides a critical edition, translation, and study of the version of Euclid’s treatise made by Thābit ibn Qurra, which is the earliest Arabic version that we have in its entirety. This monograph study examines the conceptual differences between the Greek and Arabic versions of the treatise, beginning with a discussion of the concept of "given" as it was developed by Greek mathematicians. This is followed by a short account of the various medieval versions of the text and a discussion of the manuscripts used in this volume. Finally, the Arabic text and an English translation are provided, followed by a critical commentary.

Basiswissen Mathematik auf Arabisch und Deutsch - أساسيات في الرياضيات باللغتين العربية والألمانية: Ein zweisprachiger Vorkurs für Studienanfänger in mathematisch-naturwissenschaftlichen Fächern - دورة تحضيرية ثنائية اللغة للطلاب المستجدّين في فروع الرياضيات والعلوم الطبيعية

by Moritz Weber

Dieses Lehrbuch ist speziell für angehende Studierende mit arabischem Sprachhintergrund verfasst, die ein Studium im deutschen Sprachraum aufnehmen wollen. Um ihnen sowohl den sprachlichen als auch den fachlichen Einstieg zu erleichtern, ist die Gestaltung zweisprachig. Dies ermöglicht sowohl das Anknüpfen an bekannte Inhalte in der Muttersprache als auch das Erlernen der deutschen Begriffe. Inhaltlich frischt das Buch sehr konzentriert und konkret das nötigste mathematische Abiturwissen auf, das in Studiengängen wie Mathematik, Informatik, Natur- und Ingenieurwissenschaften vorausgesetzt wird. Das Buch ist grob in Analysis und Algebra gegliedert und beinhaltet möglichst wenige formale Definitionen, dafür aber viele anschauliche Beispiele und Verfahren sowie Beispielaufgaben.هذا الكتاب موجّه بشكل خاص للطلاب المبتدئين ذوي الخلفية العربية الذين يرغبون في الدراسة في البلدان الناطقة بالألمانية، ويهدف هذا التصميم ثنائي اللغة إلى تسهيل الجانبين اللغوي والاختصاصي على حدّ سواء، مما يتيح ربط بعض هذه المحتويات المألوفة باللغة الأم بالإضافة إلى تعلم المصطلحات الألمانية. من حيث المحتوى يركّز هذا الكتاب على التذكير بأهم المعارف الرياضية لمنهاج الثانوية العامة والمطلوبة لدراسة فروع مثل الرياضيات والمعلوماتية والهندسة والعلوم الطبيعية، كما ينقسم هذا الكتاب بشكل رئيسي إلى التحليل والجبر ويحتوي على أقل عدد ممكن من التعاريف إلا أنه يتضمن العديد من الأمثلة التوضيحية والتمارين النموذجية.

Arabs Unseen(Arabic)

by Mohammed Mahfoodh Alardhi

Arabs Unseen explores the enlightening journeys of 10 exemplary figures from the modern Arab world. It embraces the theme of drawing inspiration from these individuals who overcame various challenges to build a body of work in their respective fields. Their experiences are significant for all generations within the Arab world and beyond.

ANZUS and the Early Cold War: Strategy And Diplomacy Between Australia, New Zealand And The United States, 1945-1956

by Andrew Kelly

The ANZUS Alliance was a defence arrangement between Australia, New Zealand and the United States that shaped international policy in the aftermath of the Second World War and the early stages of the Cold War. Forged by influential individuals and impacting on global events including the Japanese Peace Treaty, the Korean War and the Suez Crisis, the ANZUS Alliance was a crucial factor in the seismic changes that took place in the second half of the twentieth century. In this compact and accessible study Andrew Kelly lays out the tensions that underpinned the formation of the Alliance, as each power sought to extract maximum influence and prestige, and examines how the ANZUS powers worked together (or failed to do so) when responding to massive global events including the rise of the People’s Republic of China and the waning of the British Empire. Kelly comprehensively explores the reasons why Australia and New Zealand disagreed so regularly about mutual security issues, how US global leadership shaped ANZUS, and the British impact on the trilateral relationship, and outlines how these issues set the foundations for today’s world order. ANZUS and the Early Cold War is essential reading for historians of Australian, New Zealand and American international relations in the twentieth century. Its concise format and readable style will also appeal to general readers interested in the history and foreign policies of these nations, and to anyone who wants to know more about the individual and geopolitical tensions that beset any major alliance.

Life Histories of Etnos Theory in Russia and Beyond

by David G. Anderson Dmitry V. Arzyutov Sergei S. Alymov

The idea of etnos came into being over a hundred years ago as a way of understanding the collective identities of people with a common language and shared traditions. In the twentieth century, the concept came to be associated with Soviet state-building, and it fell sharply out of favour. Yet outside the academy, etnos-style arguments not only persist, but are a vibrant part of regional anthropological traditions. Life Histories of Etnos Theory in Russia and Beyond makes a powerful argument for reconsidering the importance of etnos in our understanding of ethnicity and national identity across Eurasia. The collection brings to life a rich archive of previously unpublished letters, fieldnotes, and photographic collections of the theory’s early proponents. Using contemporary fieldwork and case studies, the volume shows how the ideas of these ethnographers continue to impact and shape identities in various regional theatres from Ukraine to the Russian North to the Manchurian steppes of what is now China. Through writing a life history of these collectivist concepts, the contributors to this volume unveil a world where the assumptions of liberal individualism do not hold. In doing so, they demonstrate how notions of belonging are not fleeting but persistent, multi-generational, and bio-social.

Deliberation, Representation, Equity: Research Approaches, Tools And Algorithms For Participatory Processes

by Love Ekenberg et al.

In democratic societies there is widespread acknowledgment of the need to incorporate citizens’ input in decision-making processes in more or less structured ways. But participatory decision making is balancing on the borders of inclusion, structure, precision and accuracy. To simply enable more participation will not yield enhanced democracy, and there is a clear need for more elaborated elicitation and decision analytical tools. This rigorous and thought-provoking volume draws on a stimulating variety of international case studies, from flood risk management in the Red River Delta of Vietnam, to the consideration of alternatives to gold mining in Roșia Montană in Transylvania, to the application of multi-criteria decision analysis in evaluating the impact of e-learning opportunities at Uganda's Makerere University. This book is important new reading for decision makers in government, public administration and urban planning, as well as students and researchers in the fields of participatory democracy, urban planning, social policy, communication design, participatory art, decision theory, risk analysis and computer and systems sciences.

L’idée de l’Europe au Siècle des Lumières

by Rotraud Von Kulessa Et Catriona Seth

Face aux défis – entre autres politiques – auxquels sont confrontés différents pays européens, les chercheurs dix-huitiémistes ont souhaité revenir sur des expressions anciennes de valeurs partagées et les interrogations passées sur des questions qui restent souvent d’actualité. Au Siècle des Lumières, nombre d’hommes et de femmes de lettres ont envisagé l’avenir du continent en particulier pour entériner leur souhait de garantir la paix en Europe. Les textes, réunis dans cette anthologie, et signés des grands écrivains du temps (Rousseau, Montesquieu, Voltaire, Kant, Hume ou encore Staël), comme d’oubliés de l’histoire, présentent, avec quelques excursus chronologiques (de Sully à Hugo) les réflexions de penseurs d’un dix-huitième siècle aux bornes chronologiques étendues – l’émergence et la chute de l’Empire engendrent des bouleversements nombreux –, sur l’Europe, son histoire, sa diversité, mais aussi sur ce qu’ont en commun les nations qui composent, dans leur variété, un ensemble géographique. Ils mettent en évidence les origines historiques d’un projet d’union européenne, le souhait de consolider les liens du continent avec le Maghreb ou la Turquie, l’importance accordée au commerce et les inquiétudes suscitées par les sursauts de l’histoire, mais aussi l’espoir placé dans les générations futures. La Société française d’étude du XVIIIe siècle, l’Université d’Augsburg, l’Université d’Oxford ont généreusement contribué à la publication de ce volume. In view of the challenges—many of which are political—that different European countries are currently facing, scholars who work on the 18th century have compiled this anthology which includes earlier recognitions of common values and past considerations of questions which often remain pertinent nowadays. During the Enlightenment, many men and women of letters envisaged the continent’s future in particular when stressing their hope that peace could be secured in Europe. The texts gathered here, and signed by major thinkers of the time (Rousseau, Montesquieu, Voltaire, Kant, Hume or Staël for instance), as well as by writers history has forgotten, present the reflections, with a couple of chronological extensions (from Sully to Victor Hugo) of authors from the long eighteenth century—the French Empire and the fall of Napoleon generated numerous upheavals—on Europe, its history, its diversity, but also on what the nations, which, in all their diversity, make up a geographical unit, have in common. They show the historical origins of the project of a European union, the desire to consolidate the continent’s ties to the Maghreb or to Turkey, the importance granted to commerce and the worries engendered by history’s convulsions, but also the hope vested in future generations. The Société française d’étude du XVIIIe siècle, Augsburg University and the University of Oxford have generously contributed towards the publication of this volume.

Refine Search

Showing 26 through 50 of 147 results