- Table View
- List View
الفوائد
by ابن القيمأساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فتتيقن حينئذ أن الحسنات من نعمه فتشكره عليها. وتتضرع إليه ألا يقطعان عنك، وأن السيئات من خذلانه وعقوبته، فنبتهل إليه أن يحول بينك وبينها، ولا يكلك في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك. وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد. وكل شر فأصله خذلانه لعبده. وأجمعوا أن التوفيق ألا يكلك الله نفسك وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك. فإذا كان كل خير فأصله التوفيق وهو بيد العبد فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجئ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطي العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح بقي باب الخير مُرْتَجًا دونه. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء فإن الإجابة معه. وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدرهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك، فالله سبحانه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين، يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به والخذلان في مواضعه اللائقة به، وهو العليم الحكيم. وما أتي من أتي إلا من قِبَل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشكر وصدق الافتقار والدعاء. وملاك ذلك الصبر فإنه من الإيمان بمنزله الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس فلا بقاء لجسد. ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله. خلقت النار لإذابة القلوب القاسية. أبعد القلوب من الله القلب القاسي. إذا قسا القلب قحطت العين. قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل والنوم والكلام والمخاطبة. كما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب. فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجح فيه المواعظ. من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهوته. القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها. القلوب آنية الله في أرضه، فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها. شغلوا قلوبهم بالدنيا، ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وظرف الفوائد. إذا غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر ونقي من الدغل، رأى العجائب وألهم الحكمة. ليس كل من تحلى بالمعرفة والحكمة وانتحلها كان من أهلها، بل أهل المعرفة والحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى. وأما من قتل قلبه فأحيا الهوى، فالمعرفة والحكمة عارية على لسانه. خراب القلب من الأمن والغفلة، وعمارته من الخشية والذكر. إذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة، وإذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد. الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب يروح عنه وهج الدنيا. من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق. لا تدخل محبة الله في قلب فيه حب الدنيا إلا كما يدخل الجمل في سم الإبرة. إذا أحب الله عبدا اصطنعه لنفسه واجتباه لمحبته واستخلصه لعبادته فشغل همته بخدمته.
الرسالة
by الإمام الشافعيقال الشافعي: فقال لي قائل: ما العِلْمُ؟ وما يَجِبُ على الناس في العلم؟ فقلت له: العلم عِلْمان: علمُ عامَّةٍ، لا يَسَعُ بالِغاً غيرَ مغلوب على عقْلِه جَهْلُهُ. قال: ومِثْل ماذا؟ قلت: مثلُ الصَّلَوَاتِ الخمس، وأن لله على الناس صومَ شهْر رمضانَ، وحجَّ البيت إذا استطاعوه، وزكاةً في أموالهم، وأنه حرَّمَ عليهم الزِّنا والقتْل والسَّرِقة والخمْر، وما كان في معنى هذا، مِمَّا كُلِّفَ العِبادُ أنْ يَعْقِلوه ويعْملوه ويُعْطُوه مِن أنفسهم وأموالهم، وأن يَكُفُّوا عنه ما حرَّمَ عليهم منه. وهذا الصِّنْف كلُّه مِن العلم موجود نَصًّا في كتاب الله، وموْجوداً عامًّا عنْد أهلِ الإسلام، ينقله عَوَامُّهم عن مَن مضى من عوامِّهم، يَحْكونه عن رسول الله، ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم. وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط مِن الخبر، ولا التأويلُ، ولا يجوز فيه التنازعُ. قال: فما الوجه الثاني؟ قلت له: ما يَنُوبُ العِباد مِن فُروع الفرائض، وما يُخَصُّ به مِن الأحكام وغيرها، مما ليس فيه نصُّ كتاب، ولا في أكثره نصُّ سنَّة، وإن كانت في شيء منه سنةٌ فإنما هي مِن أخْبار الخاصَّة، لا أخبارِ العامَّة، وما كان منه يحتمل التأويل ويُسْتَدْرَكُ قِياسًا. قال: فيَعْدُو هذا أن يكون واجِبًا وجوبَ العلم قبله؟ أوْ مَوْضوعاً عن الناس عِلْمُه، حتَّى يكونَ مَنْ عَلِمَهُ مُنْتَفِلاً، ومَنْ تَرَكَ علْمَه غيرَ آثِمٍ بِتركه، أو مِنْ وَجْهٍ ثالثٍ، فتُوجِدُنَاهُ خَبَرًا أو قياسا؟ فقلت له: بلْ هو مِن وجه ثالثٍ. قال: فصِفْهُ واذْكر الحجَّةَ فيه، ما يَلْزَمُ منه، ومَنْ يَلْزَمُ، وعنْ مَنْ يَسْقُطُ؟ فقلت له: هذه درجةٌ مِن العلم ليس تَبْلُغُها العامَّةُ، ولم يُكَلَّفْهَا كلُّ الخاصَّة، ومَن احتمل بلوغَها مِن الخاصة فلا يَسَعُهُمْ كلَّهم كافةً أنْ يُعَطِّلُوهَا، وإذا قام بها مِن خاصَّتِهم مَنْ فيه الكفايةُ لم يَحْرَجْ غيرُه ممن تَرَكَها، إن شاء الله، والفضْل فيها لمن قام بها على مَنْ عَطَّلَهَا. فقال: فأوْجِدْنِي هذا خبراً أو شيئاً في معناه، ليكون هذا قياساً عليه؟ فقلتُ له: فَرَضَ اللهُ الجِهادَ في كتابه وعلى لسانِ نبِّيه، ثم أكَّدَ النَّفِير مِن الجهاد، فقال: }إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالقُرَآن، وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ التوبة:111
الموطأ
by ألأمام مالك بن أنس الأصبحيحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ . فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا . فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ " . وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْتُ فَقَالَ سَعْدٌ لَعَلَّكَ مَسِسْتَ ذَكَرَكَ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ . فَقَالَ قُمْ فَتَوَضَّأْ فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ . وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَتِ أَمَا يَجْزِيكَ الْغُسْلُ مِنَ الْوُضُوءِ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أَمَسُّ ذَكَرِي فَأَتَوَضَّأُ . وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هَذِهِ لَصَلاَةٌ مَا كُنْتَ تُصَلِّيهَا . قَالَ إِنِّي بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأْتُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ مَسِسْتُ فَرْجِي ثُمَّ نَسِيتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ فَتَوَضَّأْتُ وَعُدْتُ لِصَلاَتِي .
العقيدة الواسطية
by ابن تيميةهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره. ـ ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه لأنه سبحانه لا سميّ له، ولا كُفُوَ له، ولا نِدَّ له ، ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه. ـ ثم رسله صادقون مصدوقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولهذا قال: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين} فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ، وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب. ـ وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمىَّ به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون. فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ـ وقد دخل في هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن حيث يقول: {قل هو الله أحد ، الله الصمد، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يولد ، يكن له كفواً أحد} وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه، حيث يقول: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، وسع كرسِيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما - أي لا يَكْرِثه ولا يُثْقِلُه - وهو العلي العظيم} ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
الملل والنحل
by أبو الفتح الشهرستانيهذا الكتاب يحدثنا فيه الشهرستاني، أولاً عن الخلافات التي وقعت في الوحدة الإسلامية، مبيناً الفرق الإسلامية وغير الإسلامية التي ظهرت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وما لهم من آراء ومعتقدات، وكتب، وهو في حديثه عن الفرق الغير الإسلامية أخذ يذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأشهر فرقهم وما أرتاه أصحاب السبت، من استقباح النسخ، وما فعلته السامرة، من عبادة العجل وما أعلنوه من أن لا نبوة لغير "موسى" "ويوشع" عليهما السلام، وما اختلفت فيه النصارى وبدلوه وغيروه في إنجيلهم، وقولهم في الواحد الأحد إنه ثلاثة أقانيم وما ابتدعته الملكانية، من امتزاج الكلمة بجسد المسيح، وقد وصفوه بأنه ناسوت كلي لا جزئي، وهو قديم أزلي، من قديم أزلي وما فعلته العيسويّة من إدعاء الربوبية لعيسى عليه السلام، وزعمت أنه كان قديماً، لا في مكان ثم تجسم فصار جسداً وما تسميته النسطورية من إسباغ اللاهوت، على عيسى عليه السلام، واستئثار ببدن الناسوت، ثم أخذ في ذكر من لهم شبه كتاب وسرد المجوسية، وأصحاب اللأثنينيه والمانوية وسائر فرقهم، وما زاغت به عقائدهم، وما عبدوه من نيران، وما اتخذوه من سنن وصلوات، وما كلفهم أن يأتوه، وما حرم عليهم من منكرات وسرد ما أباحته المزدكية من استحلال النساء، واستباحة الأموال، واعتبار الناس شركاء فيها، واستباحتهم قتل الأنفس لتخليصها من الشر ومزاج الظلمة، ... ما أتاه ديصان من إثبات أصلين نور وظلام، نور وظلام، فالخير من النور والشر من الظلام، فأثبتوا إلهين متضادين، النور والظلمة، وجعلوا لهما ثالث هو المعدل الجامع، وهو دون النور في الرتبة وفوق الظلام في المنزلة والكينونة وما ذهبوا إليه من أن الأصول ثلاثة النار والأرض والماء... ثم أخذ في سرد بيوت النيران وبنائها وأماكنها، وما ذهب إليه القوم من تعظيمها وأن في تعظيمها نجاة من عذاب النار، ثم إنه انتقل إلى الكلام على أهل الأهواء والنحل وفي مذهبه أنهم هم الذين يقابلون أرباب الديانات والملل، وذكر أنهم يعتمدون في مذاهبهم، على الفطرة السليمة، والعقل الكامل، فأخذوني ذكر الصائبة، وما ذهبوا إليه من عبادة الملائكة وما تعصبوا به للروحانيات، واعتبارهم الروحانيين، مبرئين، عن القوى الجسدانية، منزهين عن الحركات المكانية جبلوا على العم، والطهارة، ثم أخذ في سرد آرائهم، وأقاويلهم دما أجابت به الحنفاء على ترهاتهم، وأخذ يتكلم في القوى وأقسامها، وهو فى ذلك كله، متأثر بما نقل عن أرسطو طاليس في فلسفته، معتمداً على ما جاء في كتب ابن سينا، في إشاراته وشقائه ونجاته، وسرد الكلام على أصحاب الهياكل والأشخاص وأنها متوسطات، تصلهم إلى بارئهم. ثم أخذ يتكلم عن الحرناتنيين، وطريقهم وما عبدوه من النجوم وما استندوا إليه في التنجيم، وما أظهروه من الطبيعات والإلهيات ثم الرياضيات، وما ابتكروه من علوم في الوصول إلى فلسفتهم، وأخذ يقارن بين فلاسفة اليونان وحكماء العرب وحكماء البراهمة... وبعد ذلك أخذ في ذكر آراء حكماء الهنود، وآرائهم المختلفة، وسرد ما عرفه عن البراهمة، وما ذهبوا إليه من قدم العالم، ثم أخذ في بيان مشهوري طوائفهم، وما أخذوه من عقائد وعادات. ولما كان هذا الكتاب من أهم الكتب المدونة في بابها فقد اعتنى "أبو عبد الله السعيد المندوه" بتحقيقه وبالتقديم له بنمس مقدمات جاءت بـ: المقدمة الأولى: في بيان أقسام أهل العالم جملة ومرسلة. المقدمة الثانية: في تعيين قانون يبني عليه تعديد الفرق الإسلامية، المقدمة الثالثة: في بيان أول شبهة وقعت في الخليقة، ومن مصدرها ومن مظهرها؟ المقدمة الرابعة: في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية، وكيفية انشعابها، ومن مصدرها، ومن مظهرها؟ المقدمة الخامسة: في بيان السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب
المختار للفتوى
by ابن مودود الموصلي الحنفيفقد رغب إلى من وجب جوابه على أن أجمع له مختصراً في الفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وأرضاه، مقتصراً فيه على مذهبه، معتمداً فيه على فتواه، فجمعت له هذا المختصر كما طلبه وتوخاه، وسميته: المختار للفتوى لأنه اختاره أكثر الفقهاء وارتضاه. ولما حفظه جماعة من الفقهاء واشتهر، وشاع ذكره بينهم وانتشر، طلب مني بعض أولاد بني أخي النجباء أن أرمزه رموزاً يعرف بها مذاهب بقية الفقهاء، لتكثر فائدته، وتعم عائدته، فأجبته إلى طلبه، وبادرت إلى تحصيل بغيته بعد أن استعنت بالله وتوكلت عليه واستخرته وفوضت أمري إليه، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يوفقني لإتمامه، ويختم لي بالسعادة عند اختتامه إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل.
بداية الهداية
by ابن حامد محمد الغزالي الطوسي الشافعياعلم أن أوامر الله تعالى فرائض ونوافل ، فالفرض: رأس المال وهو أصل التجارة وبه تحصل النجاة ، والنفل: هو الربح وبه الفوز بالدرجات قال صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تبارك وتعالى: ما تقرب إلي المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم ، ولا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، يده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي عليها) ، ولن تصل أيها الطالب إلى القيام بأوامر الله تعالى إلا بمراقبة قلبك وجوارحك في لحظاتك وأنفاسك حين تصبح إلى حين تمسى. فاعلم أن الله تعالى مطلع على ضميرك ، ومشرف على ظاهرك وباطنك ومحيط بجميع لحظاتك وخطراتك وخطواتك ، وسائر سكناتك وحركاتك ، وأنك في مخالطتك وخلواتك متردد بين يديه فلا يسكن في الملك والملكوت ساكن ، ولا يتحرك متحرك إلا وجبار السموات والأرض مطلع عليه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم السر وأخفى. فتأدب أيها المسكين ظاهرا وباطنا بين يدي الله تعالى تأدب العبد الذليل المذنب في حضرة الملك الجبار القهار ، واجتهد ألا يراك مولاك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك ، ولن تقدر على ذلك إلا بأن توزع أوقاتك وترتب أورادك من صباحك إلى مسائك. فاصغ إلى ما يلقى إليك من أوامر الله تعالى عليك من حين تستيقظ من منامك إلى وقت رجوعك إلى مضجعك.
حـي بن يقظـان
by ابن طفيلفمنهم من بت الحكم وجزم القضية بأن حي بن يقظان من جملة من تكون في تلك البقعة من غير أم ولا أب ومنهم من أنكر ذلك وروى من أمره خبراً نقصه عليك فقال: انه كان بإزاء تلك الجزيرة جزيرة عظيمة متسعة الأكتاف كثيرة الفوائد عامرة بالناس يملكها رجل منهم شديد الأنفة والغيرة وكانت له أخت ذات جمال وحسن باهر فعضلها ومنعها الأزواج إذا لم يجد لها وكان له قريب يسمى يقظان فتزوجها سراً على وجه جائز في مذهبهم المشهور في زمنهم ، ثم إنها حملت منه ووضعت طفلاً ، فلما خافت أن يفتضح أمرها وينكشف سرها وضعته في تابوت أحكمت زمه بعد أن أروته من الرضاع وخرجت به في أول الليل في جملة من خدمها وثقاتها إلى ساحل البحر وقلبها يحترق صبابةً به وخوفاً عليه ثم إنها ودعته وقالت: (اللهم انك خلقت هذا الطفل ولم يكن شيئاً مذكوراً ورزقته في ظلمات الأحشاء وتكفلت به حتى تم واستوى ، وأنا قد سلمته إلى لطفك ورجوت له فضلك خوفاً من هذا الملك الغشوم الجبار العنيد ، فكن له ولا تسلمه يا أرحم الراحمين) ثم قذفت به في اليم. فصادف ذلك جري الماء بقوة المد فاحتمله من ليلته إلى ساحل الجزيرة الأخرى المتقدم ذكرها ، وكان المد يصل في ذلك الوقت إلى موضع لا يصل إليه بعد علم ، فأدخله الماء بقوته إلى أجمة ملتفة الشجر عذبة التربة مستورة عن الرياح والمطر محجوبة عن الشمس تزاور عنها إذا طلعت وتميل إذا غربت ، ثم أخذ الماء في الجزر ، وبقي التابوت في ذلك الموضع وعلت الرمال بهبوب الرياح وتراكمت بعد ذلك حتى سدت فكان المد لا ينتهي إليها وكانت مسامير التابوت قد فلقت وألواحه قد اضطربت عند رمي الماء في تلك الأجمة. فلما أشتد الجوع بذلك الطفل بكى واستغاث وعالج الحركة فوقع صوته في أذن ظبية فقدت طلاها خرج من كناسه فحمله العقاب فلما سمعت الصوت ظنته ولدها. فتتبعت الصوت وهي تتخيل طلاها حتى وصلت إلى التابوت ففحصت عنه بأظلافها وهو ينوء ويئن من داخله حتى طار عن التابوت لوح من أعلاه ، فحنت الظبية وحنت عليه ورئفت به وألقمه حلمتها وأروته لبناً سائغاً ، ومازالت تتعهده وتربيه وتدفع عنه الأذى ، هذا ما كان من ابتداء أمره عند من ينكره التولد ، ونحن نصف هنا كيف تربى وكيف أنتقل في أحواله حتى يبلغ المبلغ العظيم. وأما الذين زعموا أنه تولد من الأرض فإنهم قالوا إن بطناً من أرض تلك الجزيرة تخمرت فيه طينه على مر السنين والأعوام حتى امتزج فيها الحار بالبارد والرطب باليابس امتزاج تكافؤ وتعادل في القوى. وكانت هذه الطينة المتخمرة كبيرة جداً وكان بعضها يفضل بعضاً في اعتدال المزاج والتهيؤ وكان الوسط منها أعدل ما فيها وأتمه مشابهة بمزاج الإنسان: فتمخضت تلك الطينة وحدث فيها شبه نفاخات الغليان لشدة لزوجتها: وحدث في الوسط منها لزوجة ونفاخة صغيرة جداً منقسمة بقسمين بينها حجاب رقيق ممتلئة بجسم لطيف هوائي في غاية من الاعتدال اللائق به فتعلق به عند ذلك الروح الذي هو من أمر الله تعالى وتشبث به تشبثاً يعسر انفصاله عنه عند الحس وعند العقل إذ قد تبين أن هذا الروح دائم الفيضان من عند الله عز وجل وأنه بمنزلة نور الشمس الذي هو دائم الفيضان على العالم ، فمن الأجسام ما لا يستضيء به وهو الهواء الشفاف جداً ومنها ما يستضيء به بعض الاستضاءة وهي الأجسام الكثيفة غير الصقيلة وهذه تختلف في قبول الضياء وتختلف بحسب ذلك ألوانها ومنها ما يستضيء به غاية الاستضاءة وهي الأجسام الصقيلة كالمرآة ونحوها ، فإذا كانت هذه المرآة مقعرة على شكل مخصوص حدث فيها النار لإفراط الضياء.
شرح تشريح القانون
by ابن النفيسقال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وجملة العظام دعامة وقوام للبدن وما كان من هذه العظام إنما يحتاج إليه للدعامة فقط أو للوقاية ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء فإنه خلق مصمتاً وإن كان فيه المسام والفرج التي لا بد منها. إلى قوله: والعظام كلها متجاورة متلاقية. الشرح كل عضو ولا بد أن يكون في جرمه خلل ينفذ فيه الغذاء إلى عمقه وهذا الخلل إن لم يكن محسوساً سمي مساماً ويسمى ما كان خلله من العظام كذلك مصمتاً لأنه مصمت في الحس وإن كان ذلك الخلل محسوساً فإما أن يكون متفرقاً في جرم العضو كما في عظم الفك الأسفل فيسمى ما كان من العظم كذلك هشاً متخلخلاً أولا يكون متفرقاً في جرمه بل مجتمعاً في موضع واحد فيسمى ما كان من العظام كذلك مجوفاً. وكل عظم فإما أن يكون صغيراً جداً كالأنملة بل كالعظام السمسمانية فلا يحتاج فيه إلى تجويف محسوس لأن هذا لصغره يتمكن الغذاء من النفوذ إلى قعره بسهولة لقصر المسافة أولا يكون صغيراً. فإما أن يكون المقصود منه الحركة أو آلة الدعامة والوقاية أو مجموع الأمرين. والحركة تحوج إلى الخفة وذلك يقتضي التجويف. والدعامة والوقاية يحوجان إلى قوة الجرم وذلك يحوج إلى عدم التجويف وإذا اجتمع الأمران روعي كل واحد منهما وتكون أكثر العناية مصروفة إلى الأهم منها وهو الذي الحاجة إليه من ذلك العظم أشد فلذلك خلق عظم الفك الأسفل كثير التجويف متخلخلاً لتكون خفته كبيرة إذ معظم الحاجة إليه إنما هو الحركة. وخلق العظم الوتدي مصمتاً لشدة الحاجة فيه إلى الدعامة والوقاية والوثاقة مع عدم الحاجة إلى الحركة. وخلق كل واحد من عظمي الساق والساعد ذا تجويف واحد لاجتماع الغرضين فيه. لأن عظم الساق مجوفاً يحتاج إلى قوة الجرم ليكون قوياً على حمل البدن ويحتاج إلى الخفة لأجل سهولة الحركة ففائدة تجويفه أن يكون أخف وفائدة توحيد التجزيف أن يبقى جرمه قوياً فتجتمع الخفة من القوة وهذا كما في القنا والقصب. قوله: وجعل تجويفه في الوسط واحداً ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة. أما أن هذا التجويف يكون في الوسط فلأمرين: أحدهما: أن التجويف لو مال إلى جهة لضعف جرم العظم من تلك الجهة فكان يتهيأ للانكسار منها وذلك لأن الجوانب إذا كانت كلها متساوية في القوة لم يمكن الانكسار من جهة منه أولى منن غيرها فيكون حصوله أعسر ولو كان كل واحد من الجوانب أضعف من الجانب الذي ضعف لو حده وكذلك فإن الصفارين ونحوهم يحزون الموضع الذي يريدون الانكسار منه حزاً يسيراً فينكسر المنحز من ذلك الموضع أسهل مما لو كان جرمه من كل جانب بتلك القوة وما ذلك إلا لتعيين موضع يكون أولى بالانكسار. وثانيهما: وأما أن هذا التجويف يكون واحداً فلأنه لو كان كثيراً لضعف جرم العظم لأجل تخلخله. وأما قوله: ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة منه فهو مشكل. وذلك لأن اللازم لكون التجويف غير واحد. وهو أن يكون كثيراً متفرقاً في جرم العظم ويلزم ذلك أن يكون جرمه ضعيفاً. وأما أن مواقف الغذاء تكون كثيرة متفرقة فإنما يلزم لو كان التجويف صغيراً حتى لا يبقى الواحد بأن يكون كافياً في التغذي فيحتاج أن يكون كثيراً فيكون ذلك تقليلاً لفائدة خلقه ذلك التجويف عظيماً لكونه واحداً وقد ذكر الشيخ للمخ ثلاث فوائد. إحداها: أن يغذ العظم وقد تكلمنا في ذلك فيما سلف. وثانيتها: أن يرطبه حتى لا يجف بالحركة حركة وإنما ذكر فائدة الترطيب ولم يذكر فائدة التغذية. لأن فائدة التغذية معلومة. بل هي فائدة مستقلة بنفسها فيكون السكوت عنها غير مستقبح ولا كذلك فائدة الترطيب. فإنه قد يظن أنه ضار بالعظم وخصوصاً الذي يراد أن يكون جرمه قوياً لأن قوة العظم تتبع صلابته والترطيب يمنع الصلابة. وثالثها: أن يكون العظم كالمصمت مع كونه مجوفاً. ولقائل أن يقول: إن هذا مما لا أثر له في زيادة القوة فلا يصلح أن تكون فائدة فيها. قوله: والتجويف يقل إذا كانت الحاجة إلى الوقاية أكثر ويكثر إذا كانت الحاجة إلى الخفة أكثر.
الأربعين حديثا النووية
by محيي الدين النوويعن عمر رضي الله عنه أيضا، قال: بينما نحن جالسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا احد، حتى جلس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال: "يا محمد أخبرني عن الإسلام"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)، قال: "صدقت"، فعجبنا له، يسأله ويصدقه؟، قال: "فأخبرني عن الإيمان"، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)، قال: "صدقت"، قال: "فأخبرني عن الإحسان"، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، قال: "فأخبرني عن الساعة"، قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)، قال: "فأخبرني عن أماراتها"، قال: (أن تلد الأم ربتها، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل؟)، قلت: "الله ورسوله أعلم"، قال: (فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم). رواه مسلم.
تربية المرأة والحجاب
by محمد طلعت حربالفضل في فتح باب هذا البحث لكتاب تحرير المرأة الذي وضعه حضرة الفاضل قاسم بك أمين يقول فيه: إن المرأة مساوية للرجل من جميع الوجوه، وإن الرجل ظالم لها في حقوقها، ويحثُّ فيه على تربيَّـة المرأة وتعليمها كما يتعلَّم الرجل سواءً بسواءٍ، ويقول بلزوم رفع الحجاب، ووجوب الاختلاط؛ لأن حجاب المرأة وعدم اختلاطها مما يقيِّد حريَّـتها التي منحها الله إيَّاها، ويمنع من قيامها بالعمل المكلَّـفة به في الهيئة الاجتماعية، إلى آخر ما يدعو إليه، ولم يكد يظهر هذا الكتاب في عالم الوجود حتى أُشِيع في بعض الجرائد أنه تألَّـفت لجنة في مصر تحت رعاية عظيم بها لتحرير المرأة الشرقيَّـة على الطريقة التي أشار إليها حضرة المؤلِّـف في كتابه، وأخذ الناس من ذلك الوقت يبحثون في موضوع الكتاب، وما احتوى عليه من أفكار وأماني؛ ولقد انقسموا حزبين: حزبًا يرى رأى المؤلِّـف وهم قلائل يُعدُّون على الأصابع، والحزب الآخر وهو الأعظم عددًا أجمع على استهجان ما ورد بالكتاب، ويقول إنه يدعو إلى بدعة في الدين لا في العوائد فقط، وكلا الحزبين مسلم، والحمد لله بأن الدين لا يمنع مطلقًا من تعليم المرأة وتربيتها وتهذيبها بل هو يحضُّ على ذلك، ويأمر به، ولكنهما يختلفان فيما ينبغي أن تعلمه المرأة، وفي طريقة التعليم والتهذيب. ولمَّا رأينا هذا الجدال والكفاح بين فريقين يعزِّز كل منهما قوله بالشرع، ويقول إن الحق والدين في جانبه، ورأينا أنه لم يكد يخلو مجتمع من الكلام في هذا الموضوع تاقت نفسنا إلى البحث والتنقيب والدخول فيه، ونحن نعرض على القُرَّاء نتيجة بحثنا، فإن أخطأنا فلنا من حسن النيَّـة ما نرجو معه غفران سيئات خطئنا، وإن أصبنا المرمى- كما نظنُّ- فلسنا نسأل على عملنا أجرًا فنقول: أول شيء طرأ على ذهننا حين قرأنا الكتاب، ورأينا الناس أخذت تسلق حضرة المؤلِّـف بألسنة حداد، ويحملون عليه وعلى كتابه حملات لم نتعوَّدها على مؤلِّـف غيره من قبل أن لا بُدَّ في الأمر من شيء مهم حمل الناس على ذلك؛ إذ لا يمكن أن يجتمع كل الناس على ضلالة، ولا يخفى أن ألسنة الخلق أقلام الحق؛ فأخذنا نسأل ونتساءل ونبحث ونتناظر حتى علمنا أن معظم هياج الرأي العام على حضرة المؤلِّـف ناتج مما هو راسخ في أذهانهم من أن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنيَّـة تتمنَّـاها أوروبا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كلُّ مَنْ وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي، ويقولون: إن "للأوروباوبين مطامع قديمة، ومآرب في النفس يظهرها "زيادة التقرُّب من العالمين الشرقي والغربي حتى أن بعض أمراء المسلمين" "اتَّخذ هذه المقاصد ذريعة يتقرَّب بها إلى بعض دول أوروبا في نيل" "مآربه؛ ومن ذلك أن إسماعيل باشا خديوي مصر الأسبق لمَّا كانت" "نفسه تميل إلى الاستقلال، وتكوين مملكة مستقلَّة بأفريقيا يحكمها هو" "ومَنْ يأتي بعده من أولاده كان عاملاً على جذب دول أوروبا إليه"؛ "لتساعده على تحقيق أمنيَّته في مقابلة تحقيقه أمنيَّتهم بأن يدخل العادات" "الإفرنكية بين أمَّـته مما كان يظنُّه سهل المنال حتى أنه كان كثيرًا ما يتظاهر" "ويقول إن مصر قطعة من أوروبا، وإن أخلاق المصريين وعوائدهم التي" "ورثوها ستصبح بمساعيه بعد قليل مماثلة لعوائد أوروبا وأخلاقها ليكون" "له من ذلك وسيلة يتقرَّب بها إليهم لما رآه وعلمه من مخالطة أمرائهم" "وعلمائهم وأرباب الأفكار والسياسة منهم الذين يعلمون حقَّ العلم أنه لم" "يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي – في المشرق لا في مصر" "وحدها – إلاَّ أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل بل الفساد الذي عمَّ" "الرجال في المشرق.
أخبار الحمقى و المغفلين
by ابن الجوزيقال ابن الأعرابي: الحماقة مأخوذة من حمقةالسوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب. وقال أبو بكر المكارم: إنما سميت البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل. قال: ابن الأعرابي: وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه من رعونته. الفرق بين الحماقة والجنون: فصل وقد ذكرنا ما يتعلق باللغة في هذا الاسم ولا يظهر المقصود إلا بكشف المعنى فنقول: معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب مع صحة المقصود بخلاف الجنون فإنه عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعاً فالأحمق مقصوده صحيح ولكن سلوكه الطريق فاسد ورويته في الطريق الوصال إلى الغرض غير صحيحة والمجنون أصل إشارته فاسد فهو يختار ما لا يختار ويبين هذا ما سنذكره عن بعض المغفلين فمن ذلك: أن طائراً طار من أمير فأمر أن يغلق باب المدينة! فمقصود هذا الرجل حفظ الطائر. قال عليه السلام: " لا تؤاخي الأحمق فإنه يشير عليك ويجهد نفسه فيخطىء وربما يريد أن ينفعك فيضرك وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه وموته خير من حياته ". وقال ابن أبي زياد: قال لي أبي: يا بني الزم أهل العقل وجالسهم واجتنب الحمقى فإني ما جالست أحمق فقمت إلا وجدت النقص في عقلي. لا تغضب على الحمقى: عن عبد الله بن حبيق قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام " لا تغضب على الحمقى فيكثر غمك ". وعن الحسن قال: هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل. وعن سلمان بن موسى قال: ثلاثة لا ينتصف بعضهم من بعض حليم من أحمق وشريف من دنيء وبر من فاجر. الناس أربعة أصناف: وكذلك روينا عن الأحنف بن قيس أنه قال: قال الخليل بن أحمد: الناس أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ فذكروه ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالب فعلموه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه. وقال أيضاً: الناس أربعة فكلم ثلاثة ولا تكلم واحداً رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فكلمه ورجل يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه يعلم فلا تكلمه. قال جعفر بن محمد: الرجال أربعة: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك عالم فتعلموا منه ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك نائم فأنبهوه ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذاك أحمق فاجتنبوه. الناس ثلاثة أصناف: وقد روينا عن أبي يوسف القاضي أنه قال: الناس ثلاثة: مجنون ونصف مجنون وعاقل فأما المجنون ونصف فأنت معهما في راحة وأما العاقل فقد كفيت مؤنته. عن الأعمش أنه قال: معاتبة الأحمق نفخ في بليسة. كل صديق لا عقل له عدو: عن عبد الله بن داود الحربي أنه قال: كل صديق ليس له عقل فهو أشد عليك من عدوك. عن بشر بن الحارث أنه قال: النظر إلى الأحمق سخنة عين. وسمعته يقول: يأتي على الناس زمان تكون الدولة فيه للحمقى. وعنه أنه قال: الأحمق سخنة عين غاب أو حضر. لا تجالس الأحمق: عن شعبة أنه قال: عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقل عقلاً منا ذهب ذلك القليل فإني لأرى الرجل يجلس مع من هو أقل عقلاً منه فأمقته. قال بعض الحكماء: مؤنة العاقل على نفسه ومؤنة الأحمق على الناس ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخرة. كيف يعامل الأحمق: قال حكيم آخر: ليس كل أحد يحسن يعامل الأحمق وأنا أحسن أعامله قيل له كيف قال: أبخسه حتى يطلب الحق بعينه إذ متى أعطيته حقه طلب ما هو أكثر منه. وأنشدوا: المديد: إتق الأحمق أن تصحبه إنما الأحمق كالثوب الخلق كلما رقعت منه جانباً خرقته الريح وهناً فانخرق كحمار السوق إن أقضمته رمح الناس وإن جاع نهق أو غلام السوء إن أسغبته سرق الناس وإن يشبع فسق وإذا عاتبته كي يرعوي أفسد المجلس منه بالخرق .
بشـرى الكئيب بلقــاء الحبيب
by جلال الدين السيوطيالحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، هذا كتاب سمَّيته: (بشرى الكئيب بلقاء الحبيب) لخصته من كتابي الكبير الذي ألَّفته في أحوال البرزخ فصَّيرته على البشرى بما يلقاه المؤمن عند موته وفي قبره من التكريم والترحيب، وبالله التوفيق.
الاتقان في علوم القرآن
by جلال الدين السيوطيوأنواع القرآن شاملة وعلومه كاملة فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف. وينحصر في أمور: الأول: مواطن النزول وأوقاته ووقائعه وفي ذلك اثنا عشر نوعاً: المكي المدني السفري الحضري الليلي النهاري الصيفي الشتائي الراشي أسباب النزول أول ما نزل آخر ما نزل. الأمر الثاني: السند وهو ستة أنواع: المتوتر الآحاد الشاذ قراءات النبي صلى الله عليه وسلم الرواة الحفاظ. الأمر الثالث: الأداء وهوستة أنواع: الوقف الابتداء الإمالة المد تخفيف الهمزة الإدغام. الأمر الرابع: الألفاظ وهوسبعة أنواع: الغريب المعرب المجاز المشترك المترادف الاستعارة الأمر الخامس: المعاني المتعلقة بالأحكام وهوأربعة عشر نوعاً: العام الباقي على علومه العام المخصوص العام الذي أريد به الخصوص ما خص فيه الكتاب السنة ما خصت فيه السنة الكتاب المجمل المبين المؤول المفهوم المطلق المقيد الناسخ المنسوخ نوع من التناسخ والمنسوخ وهوما عمل به من الأحكام مدة معينة والعامل به واحد من المكلفين. الأمر السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ وهوخمسة أنواع: الفصل الإيجاب الإطناب القصر. وبذلك تكملت الأنواع خمسين ومن الأنواع ما لا يدخل تحت الحصر: الأسماء الكنى الألقاب المبهمات.
الدرر البهية في المسائل الفقهية
by محمد بن علي الشوكانيالماء ظاهرا طاهر ومطهر لا يخرجه عن الوصفين إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات، وعن الثاني ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة، قلت: ولا فرق بين قليل وكثير وما فوق القلتين وما دونهما ومتحرك وساكن. والنجاسات هي غائط الإنسان مطلقاً وبوله إلا الذكر الرضيع، ولعاب كلب، وروث ودم حيض ولحم الخنزير، وفيما عدا ذلك خلاف، والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه. ويطهر ما يتنجس بغسله حتى لا يبقى لها عين ولا لون ولا ريح ولا طعم، والنعل بالمسح، والاستحالة مطهرة لعدم وجود الوصف المحكوم عليه، وما لا يمكن غسله فبالصب عليه أو النزح منه حتى لا يبقى للنجاسة أثر، أقول: والماء هو الأصل في التطهير فلا يقوم غيره مقامه إلا بإذن من الشارع.
الرسالة المستطرقة فى علوم الحديث
by محمد بن جعفر الكتانيوقد قال (ابن حجر) في أول (مقدمة فتح الباري) ما نصه: اعلم أن آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تكن في عصر الصحابة وكبار التابعين مدونة في الجوامع، ولا مرتبه، لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك، كما ثبت في (صحيح مسلم)، خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. وثانيهما: لسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة. ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار، لمّا انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار، واتسع الخرق على الراقع، وكاد أن يلتبس الباطل بالحق. فأول من جمع في ذلك (الربيع بن صبيح) (وسعيد ابن أبي عروبة) وغيرهما. دونت أحكام الحديث في منتصف القرن الثاني وكانوا يصنفون كل باب على حده، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثانية في منتصف القرن (ص 6) الثاني، فدونوا الأحكام. فصنف (الإمام مالك) (الموطأ) بالمدينة، وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين، ومن بعدهم. أول من صنف الحديث بمكة ابن جريج وصنف (أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج) بمكة، (وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي) بالشام، (وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري) بالكوفة، (وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار) بالبصرة. ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى بعض الأئمة منهم، أن يفرد حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاصة، وذلك على رأس المائتين. فصنف (عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي) مسندا، وصنف (مسدد بن مسرهد البصري) مسندا، وصنف (أسد بن موسى الأموي) مسندا، وصنف (نُعيم بن حماد الخزاعي) نزيل مصر مسندا، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد، (كالإمام أحمد بن حنبل) (و إسحاق بن راهويه) (وعثمان بن أبي شيبة) وغيرهم من النبلاء. ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا (كأبي بكر بن أبي شيبة) اهـ. وعبارته في (إرشاد الساري) قال: منهم من رتب على المسانيد (كالإمام أحمد بن حنبل) (و إسحاق بن راهويه) (وأبي بكر ابن أبي شيبة) (وأحمد بن منيع) (وأبي خيثمة) (والحسن بن سفيان) (وأبي بكر البزار) وغيرهم. ومنهم من رتب على العلل: بأن يجمع في كل متن طرقه، واختلاف الرواة فيه، بحيث يتضح إرسال ما يكون متصلا، أو وقف ما يكون مرفوعا، أو غير ذلك. ومنهم من رتب على الأبواب الفقهية، وغيرها، ونوّعه أنواعا، وجمع ما ورد في كل نوع، وفي كل حكم إثباتا ونفيا، في باب فباب، بحيث يتميز ما يدخل في الصوم مثلا عما يتعلق بالصلاة. وأهل هذه الطريقة منهم من تقيد بالصحيح (كالشيخين) وغيرهما، ومنهم من لم يتقيد بذلك كباقي الكتب الستة، وكان أول من صنف في الصحيح (محمد بن إسماعيل البخاري). ومنهم المقتصر على (ص 7) الأحاديث المتضمنة للترغيب والترهيب، ومنهم من حذف الإسناد واقتصر على المتن فقط، (كالبغوي) في (مصابيحه) (واللؤلؤي) في (مشكاته) اهـ.
الأخلاق والسير في مداواة النفوس
by أبي محمد علي بن حزم الأندلسي الظاهريقد جمعت في كتابي هذا معان كثيرة أفادنيها واهب التمييز تعالى بمرور الأيام وتعاقب الأحوال بما منحني عز وجل من التهمم بتصاريف الزمان والإشراف على أحواله حتى أنفقت في ذلك أكثر عمري وآثرت تقييد ذلك بالمطالعة له والفكرة فيه على جميع اللذات التي تميل إليها أكثر النفوس وعلى الازدياد من فضول المال ورقمت كل ما سبرت من ذلك بهذا الكتاب لينفع الله تعالى به من شاء من عباده ممن يصل إليه ما أتعبت فيه نفسي واجهدتها فيه واطلت فيه فكري فيأخذه عفوا وأهديته إليه هنيئا فيكون ذلك أفضل له من كنوز المال وعقد الأملاك إذا تدبره ويسره الله تعلي لاستعماله. وانا راج في ذلك من الله تعالي أعظم الأجر لنيتي في نفع عباده وإصلاح ما فسد من أخلاقهم ومداواة علل نفوسهم وبالله تعالى استعين وحسبنا الله ونعم الوكيل
أخصر المختصرات في الفقه الحنبلي
by محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلياَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمُفَقِّهِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ فِي اَلدِّينِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الامين اَلْمُؤَيَّدِ بِكِتَابِهِ اَلْمُبِينِ ,اَلْمُتَمَسِّكِ بِحَبْلِهِ اَلْمَتِينِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَبَعْدُ: فَقَدْ سَنَحَ بِخَلَدِي أَنْ أَخْتَصِرَ كِتَابِي اَلْمُسَمَّى بِـ"كَافِي اَلْمُبْتَدِي" اَلْكَائِنَ فِي فِقْهِ اَلامَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ اَلصَّابِرِ لِحُكْمِ اَلْمَلِكِ اَلْمُبْدِي ; لِيَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ عَلَى اَلْمُبْتَدِئِينَ , وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ عَلَى اَلرَّاغِبِينَ , وَيَقِلَّ حَجْمُهُ عَلَى اَلطَّالِبِينَ , وَسَمَّيْتُهُ "أَخْصَرَ اَلْمُخْتَصَرَاتِ" ; لانِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْصَرَ مِنْهُ جَامِعٍ لِمَسَائِلِهِ فِي فِقْهِنَا مِنَ اَلْمُؤَلَّفَاتِ , وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ قَارِئِيهِ وَحَافِظِيهِ وَنَاظِرِيهِ إِنَّهُ جَدِيرٌ بِإِجَابَةِ اَلدَّعَوَاتِ , وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ اَلْكَرِيمِ , مُقَرِّبًا إِلَيْهِ فِي جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ , وَمَا تَوْفِيقِي وَاعْتِصَامِي إِلا بِاَللَّهِ , عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
التبيـان في آداب حملة القرآن
by أبي زكريا يحيي بن شرف الدين النوويإن الله سبحانه وتعالى من على هذه الأمة ـ زادها الله تعالى شرفا ـ بالدين الذي ارتضاه دين الإسلام، وأرسل إليها محمدا خير الأنام، عليه منه أفضل الصلاة والبركات السلام، وأكرمها بكتابه أفضل الكلام، وجمع فيه سبحانه وتعالى جميع ما يحتاج إليه من أخبار الأولين ولآخرين والمواعظ والأمثال والآداب وضروب الأحكام، والحجج القاطعات الظاهرات في الدلالة على وحدانيته وغير ذلك مما جاءت به رسله صلوات الله عليهم وسلامه الدامغات لأهل الإلحاد الضلال الطغام وضاعف الأجر في تلاوته وأمرنا بالاعتناء به والإعظام، وملازمة الآداب معه وبذل الوسع في الاحترام، وقد صنف في فضل تلاوته جماعة من الأوائل والأعلام كتبا معروفة عند أولي النهي والأحلام، لكن ضعفت الهمم عن حفظها، بل عن مطالعتها، فصار لا ينتفع بها إلا أفراد من أولي الإفهام، ورأيت أهل بلدتنا دمشق حماها الله تعالى وصانها وسائر بلاد الإسلام، مكثرين من الاعتناء بتلاوة القرآن العزيز تعلما وتعليما وعرضا ودراسة في جماعات وفرادى، مجتهدين في ذلك بالليالي والأيام، زادهم الله حرصا عليه وعلى جميع أنواع الطاعات مريدين وجه الله ذي الجلال والإكرام، فدعاني ذلك إلى جمع مختصر في آداب حملته وأوصاف حفاظه وطلبته، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى النصح لكتابه، ومن النصيحة له بيان آداب حملته وطلابه وإرشادهم إليها وتنبيههم عليها، وأوثر فيه اختصار وأحاذر التطويل والإكثار، وأقتصر في كل باب في طرف من أطرافه، وأرمز من كل ضرب من آدابه إلى بعض أصنافه، فلذلك أكثر ما أذكره بحذف أسانيده. وإن كانت أسانيده بحمد الله عندي من الحاضرة العتيدة، فإن مقصودي التنبيه على أصل ذلك والإشارة بما أذكره إلى ما حذفته مما هنالك. والسبب في إيثار اختصاره إيثاري حفظه وكثرة الانتفاع به وانتشاره. ثم ما وقع من غريب الأسماء واللغات في الأبواب أفرده بالشرح والضبط الوجيز الواضح على ترتيب وقوعه في باب في آخر الكتاب ليكمل انتفاع صاحبه، ويزول الشك عن طالبه، ويندرج في ضمن ذلك وفي خلال الأبواب جمل من القواعد، ونفائس من مهمات الفوائد، وأبين الأحاديث الصحيحة والضعيفة مضافات إلى من رواها من الأئمة الأثبات. وقد ذهلوا عن نادر من ذلك في بعض الحالات. وأعلم أن العلماء من أهل الحديث وغيرهم جوزوا العمل بالضعيف في فضائل الأعمال، ومع هذا فإني أقتصر على الصحيح فلا أذكر الضعيف إلا في بعض الأحوال وعلى الله الكريم توكلي واعتمادي وإليه تفويضي واستنادي، وأسأله سلوك سبيل الرشاد والعصمة من أهل الزيغ والعناد، والدوام على ذلك وغيره من الخير في ازدياد، وأبتهل إليه سبحانه أن يهديني بحسن النيات، وييسر لي جميع أنواع الخيرات، ويعينني على أنواع المكرمات، ويديمني على ذلك حتى الممات، وأن يفعل ذلك كله بجميع أحبابي وسائر المسلمين والمسلمات، وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويشتمل هذا الكتاب على عشرة أبواب: الباب الأول: في أطراف من فضيلة تلاوة القرآن وحملته. الباب الثاني: في ترجيح القرآن والقارئ على غيرهما. الباب الثالث: في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم. الباب الرابع: في آداب حامل القرآن ومتعلمه. الباب الخامس: في آداب حامل القرآن. الباب السادس: في آداب القرآن وهو معظم الكتاب ومقصوده. الباب السابع: في آداب الناس كلهم مع القرآن. الباب الثامن: في الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة. الباب التاسع: في كتابة القرآن وإكرام المصحف. الباب العشر: في ضبط ألفاظ هذا الكتاب.
أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق
by محمد رضاقد كنت شديد الرغبة في تأليف سيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لنشرها على العالم الإسلامي فقضيت الأيام والليالي الطوال في الإطلاع والبحث في كتب السير فجمعت شتاتها وشرحت الغامض منها وحققت الروايات وأثبت تواريخ الوقائع ورددت على الاعتراضات والترهات ردوداً مدعَّمة بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة، فجاء الكتاب وافياً بغرضي من حيث إيصال المعلومات الصحيحة إلى العالم الإسلامي. ولما فرغ طبعه، تلقاه الناس بالقبول والاستسحان وأقبلوا على مطالعته بشوق وشغف، ونال بحمد اللّه وفضله رضا العامة والخاصة وتواردت عليّ رسائل التفريط والتشجيع من الكبراء والعلماء والأدباء حتى عجزت عن شكرهم على ثقتهم بشخصي العاجز الضعيف، وشعرت بقوة تدفعني إلى مواصلة البحث والتأليف بالرغم من كثرة المشاغل الدنيوية. وقد سألني كثير من الأصدقاء الأعزاء أن أتبع سيرة رسول اللّه بسير الخلفاء بنفس الطريقة التي انتهجتها فسرتني فكرتهم ولم يسعني إلا إجابة طلبهم واستخرت اللّه تعالى أن أكتب سيرة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه فإنه أول الخلفاء الذين أمرنا رسول اللّه بالاقتداء بهم والاهتداء بهديهم. لما توفي النبي صلى اللّه عليه وسلم ارتجت العرب واختلف المسلمون ولا سيما الأنصار والمهاجرون في الخلافة فتدارك الأمر أبو بكر بحكمته وسرعة بديهته وتمت له البيعة بالإجماع. وقد برهن رضي اللّه عنه أنه أكفأ رجل وأنه رجل الساعة وقتئذ لأن العرب عندما سمعوا بوفاة رسول اللّه ارتد كثير منهم واستفحل أمر المرتدين في جزيرة العرب، وظهر المتنبئون وجمعوا جيوشهم وثاروا على المسلمين.
الفصل في الملل و الآهواء و النحل
by ابن حزمإن كثيراً من الناس كتبوا في افتراق الناس في دياناتهم ومقالاتهم كتباً كثيرة جداً فبعض أطال وأسهب وأكثر وهجر واستعمل الأغاليط والشغب فكان ذلك شاغلاً عن الفهم قاطعاً دون العلم وبعض حذف وقصر وقلل واختصر واضرب عن كثير من قوي معارضات أصحاب المقالات فكان في ذلك غير منصف لنفسه في أن يرضى لها بالغبن في الإبانة وظالماً لخصمه في أن لم يوفه حق اعتراضه وباخساً حق من قرأ كتابه إذ لم يغنه عن غيره وكلهم إلا تحلة القسم عقد كلامه تعقيداً يتعذر فهمه على كثير من أهل الفهم وحلق على المعاني من بعد حتى صار ينسي آخر كلامه أوله وأكثر هذا منهم ستائر دون فساد معانيهم فكان هذا منهم غير محمود في عاجله وآجله.
1,000 Mitzvahs: How Small Acts of Kindness Can Heal, Inspire, and Change Your Life
by Linda CohenWhen her father passed away in 2006, Linda Cohen’s busy life as a mother, wife, and entrepreneur came to a screeching halt. She took a spiritual sabbatical to work through her grief, and she came out of it resolved to embark upon a project: perform one thousand acts of kindness-mitzvahs-to honor her father’s memory.1,000 Mitzvahs shares Cohen’s two-and-a-half-year journey from sorrow to inspiration through simple daily acts of kindness. She presents each mitzvah as a short vignette, and the myriad forms they take-from helping the elderly to donating to good causes to baking and collecting food for others-highlight the many ways in which one person can touch the lives of others. As she pursues her quest, Cohen finds that her life is improved by these small acts-that every time she goes out of her way to do something good for someone else, she enhances her own well-being.More than a touching story of a daughter’s love for her father, 1,000 Mitzvahs is a testament to the transformational power of kindness, and a call to arms for those who would like to follow in Cohen’s footsteps with their own mitzvahs-no matter how large or how small.
1, 2, and 3 John: Multiple Readings, Deconstructing Constructions (T&T Clark’s Study Guides to the New Testament)
by Prof. Warren CarterThis insightful study engages the debates and interpretations of the brief and somewhat elusive writings known in the Christian canon as 1, 2, and 3 John. Chapter 1 identifies six unknowns about the origins of the three writings: authors, relationship to John's Gospel, order, date and location of the writings, and their audiences. Chapters 2 and 3 delineate the debate concerning the relationship of these writings to a purported “Johannine tradition” and “Johannine community” in which a schism is claimed to have occurred. An alternative view recognizes that while there are some connections with John's Gospel, it is more compelling to see the writings as independent rather than derivative, as internally not externally directed, as pastoral not polemical, and as schism-free. Chapters 4-7 discuss important aspects of 1 John. Chapter 4 argues that its structure or organization is based on rhetorical and conceptual links among the writing's small units. Chapter 5 reads 1 John as a pastoral “in-house” writing, rather than a polemical attack on opponents. Chapter 6 identifies the genre of I John as not a letter or sermon but an epideictic speech that seeks to strengthen the identity, commitments, and practices of its believing recipients. Chapter 7 outlines theological understandings that underpin the writing's pastoral work.Chapters 8 and 9 focus on 2 and 3 John as writings that provide two different approaches to itinerant teachers. The narrative fiction in 2 John presents the elder's warning and skepticism about itinerant teachers whereas the author of 3 John, by contrast, advocates reception and welcome for itinerant teachers.
1, 2, and 3 John: Multiple Readings, Deconstructing Constructions (T&T Clark’s Study Guides to the New Testament)
by Prof. Warren CarterThis insightful study engages the debates and interpretations of the brief and somewhat elusive writings known in the Christian canon as 1, 2, and 3 John. Chapter 1 identifies six unknowns about the origins of the three writings: authors, relationship to John's Gospel, order, date and location of the writings, and their audiences. Chapters 2 and 3 delineate the debate concerning the relationship of these writings to a purported “Johannine tradition” and “Johannine community” in which a schism is claimed to have occurred. An alternative view recognizes that while there are some connections with John's Gospel, it is more compelling to see the writings as independent rather than derivative, as internally not externally directed, as pastoral not polemical, and as schism-free. Chapters 4-7 discuss important aspects of 1 John. Chapter 4 argues that its structure or organization is based on rhetorical and conceptual links among the writing's small units. Chapter 5 reads 1 John as a pastoral “in-house” writing, rather than a polemical attack on opponents. Chapter 6 identifies the genre of I John as not a letter or sermon but an epideictic speech that seeks to strengthen the identity, commitments, and practices of its believing recipients. Chapter 7 outlines theological understandings that underpin the writing's pastoral work.Chapters 8 and 9 focus on 2 and 3 John as writings that provide two different approaches to itinerant teachers. The narrative fiction in 2 John presents the elder's warning and skepticism about itinerant teachers whereas the author of 3 John, by contrast, advocates reception and welcome for itinerant teachers.
1 & 2 Chronicles: A Message for Yehud (T&T Clark’s Study Guides to the Old Testament)
by Leslie C. AllenLeslie C. Allen introduces students to the 1 & 2 Chronicles in the Old Testament, incorporating insights from over two decades of previous scholarship while grounding her analysis in earlier key works. “A Message for Yehud” sums up what has been judged to be a fundamental motivation underlying the whole book, a conviction that the obligation to “seek the Lord” in the light of the Torah and prophetic texts must be laid on the hearts of the community of Yehud in the fourth century BCE. To this end, using Samuel-Kings as a basis, Chronicles reviewed pre-exilic royal history for positive and negative clues as to how the generation for which it was written might achieve this spiritual ideal. In the book, Allen shows how this program was communicated all through the book by literary and rhetorical means.